“ادفعها مقدماً” أو “Pay it forward”، هو عنوان كتاب، فيلم، ومؤسسة خيرية في الولايات المتحدة الأمريكية. العبارة السابقة وضعتها مؤلفة الكتاب “كاثرين راين هايدي“، وقصدت بها أنك يجب أن تفعل الخير في ثلاثة أشخاص دون أن تتوقع منهم أن يردوا لك الجميل، ولكن تطلب منهم المشاركة بأن يقوموا بعمل جميل في ثلاثة أشخاص آخرين دون أن يتوقعون رداً للجميل. وهكذا تسير السلسلة.
لم أتمكن من قراءة الكتاب ولكني شاهدت الفيلم، والذي حسبما فهمت أنه إقتباس للأحداث التي ذكرت في الكتاب. في الفيلم يمكنك أن ترى كيف أن في يد البعض منا سبب تغيير حياة آخرين للأفضل، سواءاً بكلمة، عاطفة، أو مادة. وفي الوقت ذاته قد لا يعني ذلك الشيء الكثير لنا.
يذكر موقع المؤسسة الخيرية أن هناك أكثر من 30 مدرسة ومجموعة طلابية تقوم بأنشطة “دفعها مقدماً”. ألسنا نحن أحق بأن ندفع الخير ولا ننتظر الخير أو الشكر من الناس؟
أيضاً يذكر الموقع أمثلة واقعية لمن أحب أن يشارك و”يدفع الخير مقدماً”، وهذه بعض منها:
- في إحدى المدارس قامت مجموعة من الطلاب بإختيار 20 طالب و20 مدرس ومشرف وإعطاء كل واحد منهم كتاب جديد دون أن يعرف من المهدي، وأرفق مع كل كتاب عبارة تشجيعة وملاحظة بأن يفعل خير في طالبين أو مدرسين ويرفق ذات الملاحظة وعبارة تشجيعية، دون أن يعلن عن نفسه.
- في أحد المدارس قام مجموعة من الطلاب السنة الأخيرة بإقامة دورة تقوية لطلاب المرحلة الأولى، وعند قرب نهاية السنة قام طلاب السنة الأخيرة بتدريب مجموعة من طلاب المرحلة الأولى ليقوموا هم بتدريب الطلاب المستجدين في السنة القادمة.
- قام مجموعة من الطلاب برحلة زيارة لأحد المستشفيات، وكان المطلوب منهم أن يقوم كل طالب بتحضير ثلاث هدايا لثلاثة مرضى. كل هدية تحتوي على عبارة تشجيعية ودعوة للمريض بالشفاء، وثلاثة كروت شكر. كروت الشكر يجب أن يهديها المريض لثلاثة من طاقم المستشفى، ممرضين أوأطباء، ممن كان لهم أثر في المريض. مع كل كرت شكر كان هناك بطاقة تحث المتلقي (الطبيب أو الممرض) على أن يفعل خير في ثلاثة أشخاص أثروا في حياته.
الآن بعد أن قرأت الأمثلة قد توضح لك أن عمل الخير ليس من الضروري أن يكون فيه تكلف، قد يكون ببساطة إبتسامة أو عبارة شكراً تقولها لأحد أفراد أسرتك، زميلك، أو عامل في محطة البنزين.
أذكر قبل عدة أشهر مقالاً نشرته إحدى المدونات يحمل عنوان: “هل مررت بتجربة ما مؤخراً؟.. إذاً أكتب كتاب“. تحدثت في مقالها عن إعجابها بأن تأليف الكتب في الغرب ليس حصراً على طبقة من المثقفين. فهناك العديد من الكتب نشرت لأطفال، وآخرى لأناس لم يسمع بهم أحد من قبل. ولا نختلف في أن دور النشر العربية قد تتجاهل أو لا تهتم بالكتاب المغمورين، وأننا كعرب نسبة كبيرة منّا لا تحب القراءة ولا الإطلاع. ونتيجة لذلك، نرى قلة الإنتاج العربي لمواد مميزة ومبدعة، تحكي تجربة يستفيد منها القارئ من واقع حياتنا في مجتمعاتنا العربية. وحال دور النشر، كأنه يقول أن التجارب الناجحة والعلم لا يأتي إلا من الكتب المترجمة.
أتابع ما يكتبه الأستاذ رءوف شبايك، صاحب مدونة شبايك، منذ فترة طويلة. الأستاذ شبايك من أوئل من نشروا كتاباً بإستخدام موقع لولو، وهو موقع أجنبي يساعدك على تصميم وطباعة ونشر كتبك. طلبت كتاب “انشر كتابك بنفسك” من الموقع، بالإضافة لكتاب آخر واستغرق وصول الكتب حوالي الأسبوعين. التكلفة كانت مساوية أو أقل قليلاً من طلب الكتب من موقع أمازون، والسرعة كانت جداً ممتازة، الكتب من أمازون تأخذ حوالي الشهر لتصلني في أستراليا.
كتب شبايك يمكن الحصول عليها من خلال شراءها من الموقع السابق، أو من تحميل نسخة للقراءة فقط من موقع الكاتب. اشتريت النسخة لسبيين الأول لأرى بعيني جودة طباعة الكتاب وشكله. والسبب الآخر تشجيع للكاتب. وبنظرة سريعة على الكتابين، كتاب شبايك والكتاب الآخر، وجدت أن جودة الطباعة ممتازة، مشابهة للكتب المطبوعة من دور النشر العربية. والسعر معقول لحد كبير.
إن كنت كاتب في مدونة أو منتدى، وتكتب دروس أو مقالات تعكس خبرتك في مجال تخصصك أو هواياتك. لماذا لا تجمع دروسك ومقالاتك في كتيب صغير، تنشره عبر لولو. أو إن كنت مررت بتجربة أو سافرت إلى دولة وتود أن تكتب إنطباعك عنها لماذا لا يكون ذلك عبر موقع لولو. ولا يهم إن لم يطلبه أحد غيرك. ففي النهاية، كما قال الأستاذ شبايك، شعور رائع ستشعره عندما تمسك بيدك بكتاب مطبوع كتبته بيدك.
سأبدأ قريباً إن شاء الله تعالى بكتابة كتابي الأول، فهل ستبدأ انت أيضاً؟!
15 أكتوبر الماضي كان يوم التدوين العالمي، وكان موضوعه عن “الفقر”. جميعنا يسطيع التحدث والكتابة حول أي موضوع مهما يكن. نستطيع أن نتحدث عن الفقر، الإحتباس الحراري، العنف الأسري، وغيرها من المواضيع الإجتماعية. ولكن هل سيغير هذا من الواقع شيء؟.. لا أدري!
كانت ولازالت وجهة نظري أني يجب أن اكتب في مجال تخصصي، ولا يمنع أن أتطرق لجوانب أخرى، من وقت لآخر. فأنا كفرد في المجتمع أحمل واجب تجاه مجتمعي، بأن أحاول أن ارتقي به بأي طريقة ممكنة. أنا أتخذت من الكتابة حول تطوير النفس ومهارات الدراسة، غيري يتحدث عن التكنلوجيا والبرامج، غيرهم يتحدثون عن الأدب والشعر وآخرون يتحدثون عن أشياء أخرى في مجالات تخصصهم. إختلفت التخصصات ولكنا جميعاً نعمل لتطوير مجتمعنا، من زاوية تخصصاتنا أو إهتماماتنا.
ولكن يبقى أننا لا نتناسى دورنا الرئيس، أو الموضوع العام، وهو الرقي بمجتمعنا والوقوف على هموم أفراده. كتاب قضايا المجتمع يعملون ذلك بشكل يومي، ولكن ما هو دور البقية؟
أحمد بدرة، مصمم ومصور فوتوغرافي. بالنسبة لي أول مدون عربي يتحدث عن موضوع “يوم التدوين العالمي”. في مدونته، عندما اقتبس من الدعوة التي وجهتها منظمة “يوم التدوين العالمي”:
في 15 أكتوبر ستقوم المدونات المساهمة بكتابة تدوينة, فيديو أو بودكاست عن الفقر. ربما تود أيضاً التبرع بما تستطيع لمنح تلك التبرعات إلى إحدى المؤسسات الخيرية.
و نرجو من المدونين أن تكون مشاركاتهم متعلقة بموضوع مدونتهم الأساسي حتى تستمر المدونة في جذب أكبر عدد من القراء ولتناقش موضوع الفقر من زوايا مختلفة.
ثم ورده تساؤل في أحد الردود، عن كيف يمكن أن أكتب عن موضوع “الفقر”، ومدونتي غير متخصصة في مناقشة المواضيع الإجتماعية؟ كان رده أنه لا يعرف عما كان مقصد المنظمة، ولكنه سيكتب عن الموضوع من ناحية اجتماعية..
حتى أنا حينما قرأت العبارة لم أفهم ما المقصود منها. إلى أن شاهدت قبل قليل موضوع كتبه أحد المدونين الأجانب، بالمناسبة تخصص مدونته حول التصميم والجرافيكس، حول موضوع الفقر. كتب أنه ولأن مدونته مر عليها سنة منذ أن أفتتحت، وصادف أن كان ذلك قريب من “يوم التدوين العالمي”، فقد قرر أن يقيم مسابقة واحتفال بجوائز وصلت إلى 11،000 دولار. ويكون شرط الدخول في المسابقة أن يقوم الشخص بالتبرع لمنظمة خيرية تعنى بمكافحة الفقر والأبحاث حول الإيدز، أو أن يقوم الشخص بكتابة مقال حول تخصص مدونته، الجرافيكس. على فكرة هذا يعرف باليانصيب الخيري على ما أظن.
طبعاً الجوائز ليست كما تضنون، برعاية شركة “أ”، أو شركة “ب”، الجوائز بعضها عيني من عدة شركات، وتبرعات من أشخاص سواءاً نقداً، أو خدمة. كيف خدمة؟ يعني أن يقوم الشخص بعرض خدمته على الفائز بالمسابقة، مثلاً هناك من تبرع بتقديم تصميم شعار مجاني للفائزين، وآخرون قاموا بالتبرع بتقديم إعلان في مدوناتهم ومواقعهم للفائزين.
هذا مثال، على معالجة الفقر بطريقة مبدعة ومميزة. ولا تتطلب من الشخص الكتابة في غير مجاله. أنا متأكد أن هناك غيرها أفكار كثيرة، بإنتظار المبدعين ليعثروا عليها.. في النهاية أقول، لا يجب أن ننتظر حلول يوم التدوين العالمي للعام القادم لنبدأ مشروع خيري جديد. فالفقر، وغيره من المشاكل الإجتماعية، لا أحد ينكر تفشيها ولا وجودها بيننا، وعلاجه اقد يكون بسطور نكتبها أو بأعمال نؤديها؟ والخيار لكم..
هذا مقال كتبة الشيخ علي الطنطاوي لأخيه المسافر لباريس للدراسة. على الرغم من أن المقال كتب من 70 سنة إلا ان الأفكار تصلح لكل مسافر ومغترب في أي زمان.
لمّا دخلتَ (مسابقة البعثة) أملت لك الفوز لما عوَّدك الله من التوفيق والمعونة،وخفت عليك الخيبة لأن (الوزارة) لا تريد إلا مبعوثاً واحداً في (العلوم الرياضية) من سورية كلها، أنَّى لك أن تكون ذلك الواحد؟
فلما ظهرت النتيجة، وكنت أنت الناجح في (فروع الرياضة)، وكنت الناجح في (الطبيعة) أيضاً، حمدتُ الله على هذه المنَّة، وذهبتُ أستعجلك بالسفر، ولما عزمت أعددتُ لك ما تريد وأنا فرح مستبشر مسرور.
كنتُ مسروراً لأني أعلم أنك ذاهب تطلب العلم، وتخدم الوطن، وتقوم بالواجب.
ولكن لم يكد يتحقق الأمر، ويزف الرحيل، وأرى الباخرة الفخمة (مارييت باشا) رابضة حيال المرفأ (في بيروت) تسطع أنوارها وتتلألأ، وألقي نظري على هذا البحر الهائل الذي يمتد في الفضاء أسود مثل الليل، حتى يغيب في السماء، أو تغيب فيه السماء… لم أكد أرى ذلك حتى أدركت الحقيقة الواقعة وعلمتُ أنك مودع نازح، فغلبت عليَّ العاطفة، وفاضت نفسي رقة وحناناً.
لم أستطع أن أودعك، ولم أقوَ على رؤيتك وأنت في الباخرة، ماخرة بك عباب اليمّ، تنأى بك عنِّي، حتى تصير نقطة صغيرة على شاطئ الأفق، ثم تنحدر إليه، وتختفي وراءه، وتختفي أنت معها، وتصبح في نظري عدماً، لأني لا أحس لها وجوداً.
والوداع –يا أخي- جماع آلام الحياة وأساسها ومصدرها، وأشد ألوان الوداع وآلمها وأمرّها وداعٌ في البحر، ذاك الذي لا يطيقه ذو قلب.
ودعتك وداعاً عادياً، ولبثت في مدرستي ألقي دروسي وأنا هادىء الجوارح ساكن الطائر، ولكن في القلب مني زلزلة، وفي الأعصاب ناراً.
حتى إذا عاد أخوك ناجي الذي صحبك إلى الباخرة فخبرني أنك سرت (على اسم الله)، أحسست كأن قلبي قد هبط من هذا الزلزال كبناء هوى، وأن هذه النار قد تركت أعصابي رماداً منطفئاً فسقطت على كرسيّ لا أدري فيم هذا الضعف، ولا أحبه من نفسي، ولكني أدري أني تخيلتك الآن وحيداً فريداً لا ترى حولك قريباً ولا صديقاً، تطل من شرفة الباخرة فلا ترى إلا السماء والماء، وقد أخذك دوار البحر فلم تجد معيناً ولا مسعفاً.
وأتصورك في ذلك البلد الغريب الذي ترى فيه إلا وجوهاً تنكرها، وأنت الذي لم يفارق بلده قط، ولم يغب عن أهله ليلة، ولم يسافر وحده أبداً فلذلك ما أحزن، وفي ذلك أفكر.
ولكنها – يا أخي – خطيئة تربيتنا الاتكالية. ولو أنَّ آباءنا عوَّدونا، ولو أنَّا عودناك على الحياة الإستقلالية الصحيحة، وتركناك وأنت في الثانية عشرة تذهب وحدك وتعود وحدك، وعوَّدنا حمل التبعات وأيقظنا فيك شخصيتك ولم ندعها ضائعة في شخصياتنا، ودفعناك إلى استثمار مواهبك ولم نتركها معطلة، لو فعلنا ذلك وأنت في الثانية عشرة، لما خفت عليك السفر وحدك إلى باريز (باريس) وانت في طريق العشرين!
إنك تمشي إلى بلد مسحور (والعوذ بالله)، الذاهب إليه لا يؤوب، إلا أن يؤوب مخلوقاً جديداً وإنساناً آخر غير الذي ذهب… يتبدل دماغه الذي في رأسه، وقلبه الذي في صدره، ولسانه الذي في فيه، وقد يتبدل أولاده الذين هم في ظهره إذا حملهم في بطن أنثى جاء بها من هناك!
إي والله يا أخي، حال أكثر من رأينا وعرفنا (إلا من عصم ربي)، يذهبون أبناءنا وإخواننا وأحباءنا، ويعودون عداة لنا، دعاة لعدونا، جنداً لاستعمارنا… لا أعني استعمار البلاد، فهو هين لين، ثم إننا قد شفينا منه بحمد الله أو كدنا… وإنما أعني استعمار الرؤوس بالعلم الزائف، والقلوب بالفنِّ الداعر، والألسنة باللغة الأخرى، وما يتبع ذلك من الأرتستات والسينمات وتلك الطامّات، من المخدرات والخمور، وهاتيك الشرور.
فانتبه لنفسك واستعن بالله، فإنك ستقدم على قوم لا يبالي أكثرهم العفاف، ولا يحفل العرض. سترى النساء في الطرقات والسوح والمعابر يعرضن أنفسهن عرض السلعة، وقد أذلتهن مدنية الغرب وأفسدتهن، وهبطت بهن إلى الحضيض فلا يأكلن خبزهن إلا مغموساً بدم الشرف، وأنت لا تعرف من النساء إلا أهلك مخدَّرات معصومات كالدُّرّ المكنون، شأن نساء الشرق المسلم، حيث المرأة عزيزة مكرمة، محجوبة مخدَّرة، ملكة في بيتها، ليست من تلك الحِطَّة والمذلة في شيء… فإياك أن تفتنك امرأه منهن عن عفتك ودينك، أو يذهب بلبك جمال لها مزور، أو ظاهر خداع، هي والله الحية، ملمس ناعم، وجلد لامع، ونقش بارع، ولكن أنيابها السم… إياك والسم!
إن الله قد وضع في الإنسان هذه الشهوة وهذا الميل، وجعل له من نفسه عدواً (لحكمة أرادها)، ولكنه أعطاه حصناً حصيناً يعتصم به، وسلاحاً متيناً يدرأ به عن نفسه، فتحصن بحصن الدين، وجرد سلاح العقل تُوَقَّ الأذى كله… و اعلم أن الله جعل من الفضيلة مكافأتها: صحة الجسم، وطيب الذكر وراحة البال. ووضع في الرذيلة عقابها: ضعف الجسد، وسوء القالة وتعب الفكر. ومن وراء ذلك الجنة أو جهنم.
فإن عرضت لك امرأة بزينتها وزخرفتها فراقب الله، وحكم العقل، واذكر الأسرة والجدود… لاتنظر إلى ظاهرها البرّارق، بل انظر إلى نفسها المظلمة القذرة، وماضيها الخبيث المنتن، أتأكل من إناء ولغت فيه كل الكلاب؟؟
إن في باريز (باريس) كل شيء: فيها الفسوق كله، ولكن فيها العلم. فإن أنت عكفت على زيارة المكتبات وسماع المحاضرات وجدت من لذة العقل ما ترى معه لذة الجسم صفراً على الشمال (كما يقول أصحابك الرياضيون)، ووجدت من نفعها مايعلقك بها حتى لا تفكر في غيرها.فعليك بها، استق من هذا المورد الذي لاتجد مثله كل يوم. راجع وابحث وألف وانشر، وعش في هذه السماء العالية، ودع من شاء يرتع في الأرض، ويَغْشَ على الجيف المعطرة.
غير أنك واجد في ثنايا هذه الكتب التي كتبها القوم المستشرقون عن العربية والإسلام، وفي غضون هذه المحاضرات التي يلقونها، عدواناً كثيراً على الحق، فانتبه له. واقرأ ما تقرأ واصغ لما تسمع وعقلك في رأسك، وأيمانك في صدرك. لا تأخذ كل ما يقولون قضية مسلَّمة وحقيقة مقرَّرة، فالحق هو الذي لا يكون باطلاً، وليس الحق ما كان قائله أوروبياً، فانظر أبداً إلى ما قيل، ودع من قال!
ثم إنك سترى مدينة كبيرة، وشوارع وميادين، ومصانع وعمارات… فلا يَهولنَّك ما ترى، ولا تحقر حياله نفسك وبلدك كما يفعل أكثر من عرفنا من رواد باريس. واعلم أنها إن تكن عظيمة، وإن يكن أهلها متمدنين، فما أنت من أواسط أفريقية ولا بلدك من قرى التبت… وإنما أنت ابن المجد والحضارة ابن الأساتذة الذين علموا هؤلاء القوم وجعلوهم ناساً، ابن الأمة التي لو حذف اسمها من التاريخ لآض تاريخ القرون الطويلة صحفاً بيضاً لا شيء فيها، إذ لم يكن في هذه القرون بشر يدوِّن التاريخ سواهم… فمن هؤلاء الذين ترى إنما هم أطفال أبناء أربعة قرون، ولكن أمتك بنت الدهر، لما ولد الدهر كانت شابة، وستكون شابة حين يموت الدهر.
لا. لا أفخر بالعظام البالية، ولا أعتز بالأيام الخالية، ولكن أذكره لك لأهز فيك نفسك العربية المسلمة، لأستصرخ في دمك قوى الأجداد التي قتلت وأحيت، وهدمت وبنت وعلمت، واستاقت الدهر من زمامه فانقاد لها طيعاً… إن هذه القوى الكامنة في عروقك، نائمة دمك، فليفر هذا الدم وليثر ويضطرم لتظهر ثانية وتعمل عملها.
لاتقل: مايصنع طالب مثلي ضعيف في أمة قوية، فإن الأندلس المسلمة كانت بالنسبة لعصرها أقوى، وكان روادها من طلاب الفرنجة أضعف، ولكنهم استطاعوا – على ضعفهم – أن يصنعوا (هذه القوة) التي تعجب بها أنت، ويذوب فيها غيرك… إن الدهر يا أخي دولاب، والأيام دول. وإنّ في الشرق أدمغة؛ وفي الشرق سواعد، وفي الشرق مال، ولكن ينقص الشرق العلم فاحمله أنت وأصحابك، وعودوا إلى الشرق شرقيين معتزين بشرقيتكم الخيرة العادلة كما يعتز الغربيون بغربيتهم الظالمة الطاغية. واعلموا أنّ مهمتكم ليست في ورقة تنالونها، قد تنال بالغش والاستجداء والسرقة… ولكن مهمتكم أمه تحيونها.
إذا وجدت واسعاً من الوقت فادرس أحوال القوم وأوضاعهم في معايشهم وتجارتهم وصناعتهم ومدارسهم، وابحث عن أخلاقهم ومعتقداتهم، على أن تنظر بعين الناقد العادل الذي يدوّن الحسنة لنتعلمها، والسيئة لنتجنبها. ولا تكن كهؤلاء الذين كتبوا عن باريز (باريس) من أبناء العرب، فلم يروا إلا المحاسن والمزايا، ولا كأولئك الذين كتبوا عن الشرق من أبناء الغرب، فلم يبصروا إلا المخازي والعيوب، ولكن كن عادلاً صادقاً أميناً.
وإياك وهذه الحماقة التي يرتكبها بعض الكتاب من الفرنجة حين يهرفون بما لا يعرفون، ويقولون ما لا يعلمون، كهذا الأخرق الصفيق الذي عمل أطروحة موضوعها (الحج) قدمها إلى جماعة كبرى وهو يجهل العربية، ولا يعرف أي كتاب من كتب المسلمين بحث في الحج، وإنما جمع الأخبار من الصحب ومن أفواه العامة؛ وكتب في نظام الريّ في الغوطة، وزعم أنه وفَّى البحث وأتمه، وهو لايعرف منه إلا ما أخبره به ثلاثة فلاحين، لقيهم في قرية ذهب إليها، مع أن نظام الريّ في الغوطة لايكاد يعرفه في دمشق إلا نفر قليل… وذاك الذي كان معلماً أوَّليّاً في بلده فصار عندنا مدير دار المعلمين العالية، فذهب مع طلابه إلى ظاهر دمشق، فمشى ينظر إلى جانبي طريق (الربوة) هنا وهناك.. فوجد في الجبل أثراً للماء، فقال: من أين جاء هذا الماء؟ لا بد أن يكون جاء من بردي، إذ لا ماء في دمشق إلا من بردي. فماذا تكون نتيجة (البحث العلمي) في هذه المسألة؟ هي أن بردي كان يصل إلى هنا… إذن، فقد كان عرض بردى في الماضي أربعمائة متر… وانطلق يقرِّر دائماً هذه الحقيقة!
وبعد، يا أخي، فاعلم أنَّ أثمن نعمة أنعمها الله عليك هي نعمة الإيمان، فاعرف قدرها، واحمد الله عليها وكن مع الله تر الله معك وراقب الله دائماً، واذكر أنه مطلع عليك، يعصمك من الناس ويُعذْك من الشيطان، ويوفقك إلى الخير.
وفي اللحظة التي تشعر فيها أن دينك وأخلاقك في خطر، احزِم أمتعتك وعُد إلى بلدك، وخلِّ (السوربون) تنع من بناها… وانفض يدك من العلم إن كان لا يجيء إلا بذهاب الدين والأخلاق.
أستوع الله نفسك ودينك وأخلاقك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
من منّا لم يشاهد هذا الفيلم أو يقرأ الرواية، أو بأقل تقدير يسمع عنها. ما فعلته “جوين راولينق -كاتبة السلسلة-” يعتبر صرخة في مجال الأدب الإنجليزي. ونقله نوعية من طلاسم شكسبير أو الكلمات والمصطلحات التي أكل عليها الزمان وشرب، إلى بساطة الكلمة ووضوح التعبير، حوارات وأحداث صيغت بلغة يفهمها الطفل قبل الكبير. قبل أن استرسل، أنا لست ناقداً، وبالكاد اكتب كلمتين بالإنجليزي فلا يحق لي التحدث عن هذه الرواية.
شاهدت قبل فترة برنامجاً تلفزيونياً يتحدث عن تعليم الأطفال وتعليم المراهقين في الغرب. أختلفت آراء المتحدثين في البرنامج ولكنهم أجمعوا على أن رواية “هاري بوتر”، أجبرت “لم يقولوا البعض”، بل غالب طلبة المرحلة المتوسطة والثانوية على قرائتها. ومن لم يرى كتاب القصة، هو كتاب أشبه بالقاموس، عدد صفحاته يتجاوز الـ500 من الحجم المتوسط، والخط من الحجم الصغير.
ما شدّ الطلبة لم يكن حبكة الأحداث، ولا لأن القصة عن شاب في مثل أعمار القراء فحسب. بل لأن من لا يعرف قصة “هاري بوتر” في مجتمع المدرسة أصبح جاهلاً، أو لا يستطيع الإنسجام مع زملائه، ولا يقدر على الدخول معهم في نقاشات. بمعنى آخر، أصبح الطلبة يستخدمون إيحاءت وأمثلة من القصة، ومن لم يقرأ الكتاب، كأنه يستمع لأناس يتحدثون بلغة غريبة.
التدريس هو تسويق المعلومات للأطفال أو للمتلقين. والقاعدة الأولى في التسويق أن نعطي المستهلك ما يريده لا ما نريده نحن. بعض كُتّاب المناهج الدراسية، وضعوا المناهج التي قد تعجبهم هم، أو التي رأوا أنها مهمة للطلبة، وأغفلوا جانب عرضها بصيغة تحبب الطلبة في مناهجهم…
*القصة فيها اساطير وسحر وأشياء مخالفة للعقيدة، القصد من الموضوع فكرة صياغة القصة وليس أحداثها.
هذا مقال من مجلة النيويوركر، في قسم الإيمان والشك. قرأته وأعجبني وأحببت أن أنقله لكم.
المقال كتبه: محمد ناصحو علي.
منذ طفولتي، وأنا اعيش بين عالمين مختلفين: عالم الإسلام، وعالم الغرب المسيحي. نشأت في كوماسي، غانا. في أيام الأسبوع، كنت أدرس في مدرسة كاثولوكية للمرحلة المتوسطة؛ وفي أيام عطلة نهاية الأسبوع كنت أحضر “المدرسة”
<أعتقد أنه يقصد الكتاتيب>، وفيها أحفظ بعض أجزاء من كتاب المسلمين المقدس، القرآن.
“مدير”، أو رئيس، المدرسة، والذي كان في نفس الوقت عمي، اسمه “أستاذ سلمان”. الأستاذ كان رجل صاحب علم ديني واسع وحكمة عظيمة، ولعل ذلك جعل منه في بعض الأحيان، عديم الصبر وشديد العصبية، على الطلبة البطيئي الفهم وحتى من يعاني من مشاكل في التعلم منهم. ولكن، على الرغم من كثرة أطباع عمي العدوانية والغريبة، إحدى أطباعة بقيت في ذهني، وهي علاقة “الحب والكره” مع الغرب.
كان هذا رجل “الأستاذ” يتابع الصحيفتين الرئيسيتين الصادرتان باللغة الإنجليزية في البلد، وأيضاً يستمع إلى إذاعة أخبار البي بي سي ثلاث مرات في اليوم، كما لو كان الإرسال من “بوش هاوس”، لندن، أكسجين يتنفسه. كان غالباً ما يظهر الإعجاب بإنجازات الغرب في العلوم والتكنولوجيا، ولكن كان دائماً ما يصر على أن جميع التطور في الغرب لم يستطع التغلب على الموت. في أحد الأيام، سمعت حواراً يدور بينه وبين “المدير المساعد” أن عدم إيمانه بالغرب بدأ من الحقيقة البسيطة أن “الرجل الأبيض” لم يستطع أن يجعل الكهرباء لا تسبب صدمة كهربائية لمن يلمسها. من وجهة نظر عمي، أي شيء يعطي الضوء، والطاقه وحتى الحياة لا يجب أن يتسبب بالأذى أو الموت. ذلك الفشل السابق وحده كان سبباً في جعل عمي يشك في مدى تحضر الغرب.
شكوك عمي، غير واقعية كونها لا تستند على المنطق أو العلم الديني، على أساس أن علوم الغرب لا يمكن أن تصل إلى الكمال؛ لأن الكمال لا يمكن بلوغه إلا من قبل واحد “الله” ولا أحد غيره. وإلى الآن لم يؤمن بأن الغرب أصبح قريباً من الكمال في مجال الطيران. وكان يبدي تعجبه من أن شيئاً ثقيلاً كالطائرة، مع كل ما تحمله من حمولة، بإمكانه البقاء في الجو لمدة طويلة. في الحادية عشر من عمري تقريباً، بدأ عمي بنشر نظريته التي كانت تقول: “الطائرات تتمكن من الإقلاع من الأرض والبقاء في الجو فقط لأن مهندسي الطيران في كل العالم يقرؤن آيات معينة من القرآن قبل أن تقلع أي طائرة. في سنة 1982، عمي “الأستاذ” رحل إلى نيجيريا بالطائرة، وعند عودته، إدعى أنه رأى شيئاً أثبت نظريته: أحد مهندسي الطيران، “رجل أبيض”، وضع يده على عجلات الطائرة وقرأ بصوت عالي أجزاء قصيرة من القرآن أثناء إستعداد الطائرة للإقلاع. بعد فترة، قصة المهندس الذي يقرأ القرآن على الطائرة أصبحت قصة إيمانية في مجتمع المسلمين في مدينتنا؛ وفي النهاية أصبحت دليلاً على عجز الرجل الأبيض بدون مساعدة الله العظيم.
في سنة 1988، تركت غانا للدراسة الثانوية وبعدها الجامعية في الولايات المتحدة الأمريكية. وهنا، إكتشفت أن ما كان يقوله عمي سببه الخوف والسخرية، وعدم القدرة على إستيعاب الظواهر التي كان يشاهدها. الآن، بعد عشرين سنة في الولايات المتحدة، على بعد آلاف الأميال من “مدرسة عمي”، توصلت إلى نظرية أخرى عن الإيمان. لا أزال أؤمن بالدين الذي ولدت وأنا احمله، وإن كان ذلك بنظرة فلسفية أعمق؛ أنا أثق بالأديان الأخرى، وأؤمن بالعلم والتكنولوجيا. وأيضا، مثل عمي، وجدت أن حقيقة الطيران بالطائرات يثير إعجابي. ولكن، على الرغم من إيماني الحازم بالعلم (أنا عادة أثق، عندما أستخدم الطائرة، بأنها ستحط بأمان على الطرف الآخر)، ترودني شكوك بأن أي شيء ممكن أن يحدث، الطائرة وتعقيداتها، نظام الطائرة المحكم قد يفشل بسبب الجو أو الطقس وقبل ذلك غضب أو رحمة الله تعالى.
من حسن حظي، هذا الخوف، بدل أن يلهمني بنظريات مثل عمي، قادني إلى إلى أن الايمان والشك مثل التوائم الملتصقة. إيمان وإخلاص أحدهم لفكرة أو شيء ما لا يعني بالضرورة إنعدام الشك حول ذلك الشيء أو الفكرة، بسبب الحقيقة التي لا يمكن إنكارها وهي أن لا شيء كامل -أي شيء على سطح الأرض معرض لقوى خارجية تغير من مقصده أو من طبيعة عمله. أتذكر سماعي لأحد مسؤولي “ناسا” في مقابلة قبل عملية إنطلاق مركبة فضائي. “قمنا بعمل كل ما يتوجب علينا عمله من جانبنا”، قال المسؤول لوكالات الأنباء. “قمنا بكتابة الحروف وتنقيطها، والمركبة جاهز للإنطلاق. الآن امر المركبة معلق بقدرة الله وبحسن الجو.”
<الصحيح أن يقال ..ثم بحسن الجو>**أرجوا أن تلاحظوا أن الأيمان والشك التي يقصدها الكاتب في مقاله، هي الإيمان والشك في النظريات والأفكار البشرية.
من منّا لم يصادف يوماً سيئاً. لابد وأن صادفتك مواقف في لحظتها، تمنيت كما يقولون “لو أن الأرض انشقت وابتلعتك”. في طفولتي مرت علي مواقف كثيرة في المدرسة أو في البيت أو في الشارع، أختبرت فيها ذلك الشعور، العرق البارد في وجهي، وتمنيت وقتها لو أني أملك جهاز تحكم عن بعد وأرجع بالوقت إلى ماقبل ذلك الموقف لأغير تصرفي، أو أمسح المقطع من حياتي.
وقتها كنت متأكد أن تلك اللحظة أو النقطة السوداء في حياتي لن تنمسح. ولكن اليوم وبعد مرور بضعة سنوات، أحاول أن أتذكر تلك المواقف ولا أستطيع. أين ذهبت؟ معقوله، لقد محيت من ذاكرتي. كيف حصل ذلك؟
قد تكون من أعظم النعم التي وهبنا اياها الخالق. تخيل حياتك كيف ستكون لو أن جميع ما مر بك من مواقف رسخت في عقلك، ولم تستطيع نسيانها.
تخيل متحدث عند صعوده على المسرح ليلقي محاضرة يتذكر جميع اللحظات التي أُحرج فيها أمام الجماهير!
تخيل لاعب كرة القدم عندما يقف أمام الكرة ليركل رمية جزاء، يتذكر الركلات التي أضاعها!
تخيل الطالب عندما يجلس لأداء اختبار، يتذكر كل الإختبارات التي اخفق فيها!
نحن أُعطينا النسيان لكي لا نتوقف عند لحظات الفشل والأخطاء التي ارتكبناها في حياتنا، بل لنضع هذه اللحظات وراءنا ونسير للأمام.
لذا لا تنسى أن تنسى!
لمن لم يسمع ببرنامج “Mythbusters” أو صائدي الأساطير، هو برنامج يعرض على قناه ديسكفري. بدأ عرضه في عام 2002 تقريباً، وهو برنامج يقوم بوضع بعض الأشياء التي تعارف الناس عليها تحت التجربة. أشياء كإستخدام الهاتف الجوال في الطائرة، أو هل الكولا تتسبب بتحلل الأسنان. البرنامج له شعبية جماهيرية عالية على مستوى العالم، ومن خلال مشاهدتي له اكتشفت العديد من الأشياء التي كنت أومن بصحتها وأحذر الناس من فعلها، كان مجرد اساطير لا صحة لها.
قبل فترة وصلني إيميل من أحد الأخوان يتحدث فيه عن بعض الأشياء التي يعتبرها بعض الجهّال آيات ومعجزات، وتبين أن كلها كذب. أشياء كقصة البنت العمانية التي استهزءت بالقرآن فمسخت. أو صورة الأشجار التي تشكلت بشكل لا إله إلا الله، أو بعض الأحجار التي يمكن قراءة اسم الله تعالى عليها.
الأسوء من ذلك حين يقوم البعض بلوي الآيات ليركبها على الحقائق العلمية أو الغيبيات. العلم يتغير بين الحين والآخر، ما الذي سنقوله حين يتم اكتشاف شي مناقض لما استشهدنا بآية عليه. مثال ذلك، ما انتشر بعد احداث سبتمبر، حين بدأ البعض يتحدث عن أن الأحداث تمت الإشارة لها في الآيات القرانية، بل وأخرج لنا البعض بعض الأحاديث التي تتكلم عن نهاية الزمان، حتى أني أذكر قراءتي لحديث ذكر فيه اسم هتلر وصدام حسين!
أرجوا أن لايفهم من كلامي أني لا أومن بالمعجزات. ولكن الذي أتحدث عنه، نحن لسنا بحاجة لأشياء تثبت لنا صحة ما نؤمن به. ماذا لو أحضر لك شخصاً نبته تشكلت على شكل صليب أو صورة عيسى عليه السلام كما يتخيلونه، هل تؤمن بديانتهم؟ ألم تسمع ببرنامج الفوتوشوب وكيف يمكن بواسطته تحريف الصور وتغييرها. أيضاً ليس كل ما تستقبله على ايميلك حقيقة، تقوم بإعادة ارسالها او ترجمتها، وتحاول ان تستشهد بها حين تبين لغير المسلمين اعجاز هذا الدين. الإسلام دين عظيم والقرآن كتاب معجز، ولكن ذلك لا يعني أن تضع فهمك أو استنتاجاتك لآية، نقطة يمكن اختراق الإسلام من خلالها.
قبل حوالي السنة والنصف، كنت قد خرجت من الجامعة بعد إستلامي لنتيجة أول فصل دراسي لي في أستراليا. أثناء سيري للبيت وجدت مجموعة من الكتب مصفوفة على الرصيف، ووضعت فوقها نوته صغيرة مكتوب عليها: “خذ ما يعجبك منها”. صراحة أول مرة اتصادف مع شي من هذا القبيل، وكنت خايف إنه مقلب. يعني تخيلت أول ما راح امد يدي على الكتاب راح يطلع لي واحد من ورى شجره ويضحك علي… مشيت لآخر الشارع، ورجعت. دورت ورى الشجر، تشوفت حول البيوت، ما لقيت أحد! قلت مالي إلا اجرب. المهم خذيت كتابين ومشيت وأنا ما اتلفت.
وكانت هذه أول تجربه لي مع اهداء الكتب بعد الإنتهاء من قراءتها. أعتقد انها تسمى “book crossing” أو تناقل الكتب.
الفكرة موجودة كثيراً عند الغرب، خصوصاً الكتب التي لا تعد مصادراً، يعني الروايات أو مذكرات المشاهير. خلال السنه والنصف الماضية قمت بتجربة هذا الشيء مع بعض الأخوان السعوديين هنا. بس صراحة تحطمت، أهديت كتب لكذا واحد وقروها وحطوها بالمكتبه حقتهم، ما كملوا السلسلة وأهدوها لشخص آخر.
قريت قبل فترة في مدونة الأخت هديل الحضيف، عن تجربتها في هذا المجال ولا أدري وش كانت ردة الفعل هل نجحت تجربتها أو لأ. الفكرة جداً جميلة ويمكن تطبيقها على الزملاء، أو حتى الغرباء كما حصل مع الشخص الذي أخذت كتبه التي تركها في الشارع. وشعور جميل صراحة حين تقرأ رسالة من شخص لا تعرفه يهديك هذا كتاب، ويتمنى لك أن تستمتع بقراءته.
إللى ذكرني بالحادثة السابقة ما كتبه الأستاذ سردال في مقاله الأخير “أين قوائم كتبكم؟“، في مقاله تكلم عن طريقة أخرى لتشجيع القراءة. فكرته تقوم على أن يقوم كل مدون بوضع قائمة الكتب التي يسعى لشراءها من موقع أمازون. بحيث لو أراد شخص ما إهداء كتاب لصاحب المدونة يمكنه ذلك عن طريق موقع أمازون.
بالإضافة لما ذكره الأستاذ سردال، يمكن للزائر معرفة الكتب التي قد تكون قيمة وتستحق القراءة، فيشتريها لنفسه. فكرة حقاً رائعة، وتستحق التفعيل.
في النهاية
بعد أن تنتهي من الكتاب الذي تقرأه الآن، اكتب إهداء وأعطه لزميل، أو أتركه في مكان عام. لعل شخص ما يستفيد منه.
وأيضاً لا تنسى أن تريني قائمة كتبك!
معظم الجامعات حتى تلك التي تقع في البلاد العربية، مناهجها تُدرس باللغة الإنجليزية، أو بلغات أخرى غير العربية. اتقان لغة الدراسة مهم جداً، ومعظم الطلاب حتى وإن كانوا متميزين دراسياً، لن يتمكنوا من الإستمرار بذات المستوى إن لم يتمكنوا من التعبير عن أفكارهم بطلاقة. فكيف تتمكن من إتقان لغة أجنبية خلال فترة قصيرة؟ أو كيف تبدأ تعلم اللغة الإنجليزية
بعض الطلاب أحياناً يقولون أريد أن أتعلم من اللغة الأجنبية ما يمكنني من النجاح فقط. وهذا خطأ، حاول أن تستغل الفرصة لتتعلم أكبر قدر ممكن من الكلمات، مارس اللغة مع زملائك ومع المتحدثين بتلك اللغة. قد تكون فترة الدراسة الجامعية فرصة العمر لك لتتقن اللغة، هذه الفرصة قد لا تتكرر بعد تخرجك، خصوصاً لو كنت مبتعثاً أو تدرس في بلد تتحدث بتلك اللغة.
بفعلك ذلك ستلاحظ أنه مع مرور الوقت اصبحت لديك كمية كبيرة من الكلمات التي أصبحت تعرفها دون أن ترجع للقاموس. وأيضاً بالاستماع أنت تطور أذنك لان تستوع ما يقال، فالبشر يختلفون منهم من يتكلم بسرعه وأيضاً هناك اللهجات. وأحيانا يصبح من الصعب فهم ما يقوله المتحدث، وليس كل المدرسين مستعدين لتكرار الكلام حتى تتمكن من استيعاب ما قالوه.
سواء القراءة للدراسة أو القراءة الحرة. بفعلك ذلك أنت تصيب عصفورين بحجر واحد. أولاً تطور من نطقك للكلمات، وثانياً بالقراءة العالية الكلمات الجديدة ترسخ في ذاكرتك.
سجل الكلمات الجديدة التي تمر عليك، وابحث عن معانيها. لا يعني ذلك أن تقوم بتسجيل الكلمات التي تستمعها في الفصل فقط، بل حتى الكلمات التي تراها في الإعلانات أو تسمعها في الشارع. وكلما زادت كمية الكلمات التي تعرفها كلما سهل عليك فهم ما يقوله المتحدث أو تقرأه في كتاب من سياق الحديث.
لو مرت عليك كلمة جديدة لا تبحث عنها مباشرة في قاموسك، حاول أن تتعرف على معناها من سياق الحديث. بعد أن تخمن المعنى، تأكد من أنك خمنت المعنى الصحيح من القاموس.
من الأخطاء التي يقع بها الكثير ممن يحاول تعلم لغة أن يتعرف على معنى الكلمة في لغته الأم. بعض الكلمات احيانا تحمل معاني متشابهة، وبعض الكلمات لا يمكن استخدامها في مواضع معينة. بعض الكلمات تستخدم في المجالات التقنية فقط مثلاً. حاول أن تكون الترجمة إلى لغتك الأم الخطوة الأخيرة التي تتبعها بعد أن تعجز عن فهم الكلمة من السياق أو من القاموس الذي يعطيك مرادف للكلمة بنفس اللغة.
أيضاً من الأخطاء التي يقع بها الكثير من الطلبة أنهم حين يريدون التعبير عن فكرة ما يصيغونها بلغتهم الأم ثم يترجمونها للغة الأجنبية. حاول أن تصيغ الجملة باللغة الأجنبية وأن تفكر بها، قد يكون هذا صعباً في البداية ولكن مع الممارسة ستلاحظ بأن الكلمات الأجنبية تدور في بالك وأنت تصيغ الجمل.