المحاضر ينتمي لجيل مختلف عن جيلك، ولديه طموحات وأهداف قد تجد صعوبه في استيعابها، ولكنك تجد نفسك مضطراً لسلوك طريقته، والتمشي بتوجيهاته. فهو أمضى في دراسة التخصص فترة طويلة، وبالتالي وصل لمرحلة من الفهم والإستيعاب تفوقك بمراحل. والمحاضرة في الجامعة فرصة لكي تنهل من علومة، وتخرج بالفوائد. وفي النهاية، مفتاح نجاحك وحصولك على درجات جيدة في مادة أي مدرس هي بإتباع التعليمات، وعدم إثارته بإرتكاب أمر حضره عليك.
المحاضرون في الجامعة، هم المجموعة التي ستتعلم منها، ومن تجارب أفرادها في التخصص وفي الحياة، وسيكون لهم عظيم الأثر في تشكيل شخصيتك وطريقة تفكيرك. ولا تنسى، أن درجاتك في الجامعة، وتقييمك الدراسي، سيكون جزء كبير منه مرهون بنظرة المحاضر عنك ومدى إقتناعه بجديتك وحرصك على التعلم. المحاضر في النهاية هو بشر، له شخصية وعواطف، تقييمه لك، سيكون جزء منه نابع من عملك الذي تقدمه، وجزء من مدى رضاه الشخصي عنك والطريقة التي يفسر بها تصرفاتك وعملك خلال الفصل الدراسي.
لتنجح في نظر المدرس، يجب أن تدرس شخصية المدرس وتتعرف على ما يحبه وما يكرهه. بعد ذلك، المعادلة بسيطة إفعل الأشياء التي يحبها، وتجنب الأشياء التي يكرهها. بالطبع يمكنك الإستعانة بسؤال الطلبة، ممن درسوا لدى المحاضر عن أمور كالتالية:
- تعامل المدرس مع الأسئلة والمقاطعات أثناء المحاضرة.
- نظرة المدرس عمن يناقشه في أفكاره.
- كمية الأسئلة التي يطرحها على الطلاب خلال المحاضرة.
- نظرة المدرس للساعات المكتبية وتعامله مع الطلبة الذي يزورونه فيها.
تذكر أنه من المهم أن تبدأ بحثك وتعرفك على أطباع المدرس قبل المحاضرة الأولى، فالإنطباع الأول محسوب عليك من اليوم الأول. المحاضر، خصوصاً في المحاضرات ذات العدد القليل من الطلبة، سيتعرف عليك وسيخلق صورة عنك، قد يكون من الصعب تعديلها لاحقاً. لا ترتبك إذا لم تستطيع الحصول على المعلومات عن المدرس قبل الحصة، الحضور المبكر، واختيار مكان متقدم من الفصل عادة ما يكونان كافيان. إستمع لتوجيهاته ومايقوله عن نفسه في المحاضرة الأولى، ومنها ستتعرف عليه، وحاول أن لا تكون أول الضحايا بمقاطعة المدرس أو سؤاله عن أي شيء، إلا بعد ان يسأل غيرك، وترى تعابير وجه المدرس وتعامله مع ذلك الطالب.
لأن المحاضر بشر مثلي ومثلك، له أطباع وشخصية، ستجد بأن نسبة كبيرة من المحاضرين غير قادرين على فصل عواطفهم وأحاسيسهم الشخصية، والتعامل بمهنية وعدل مطلق بين الطلبة. فقد يظلم مدرس طالباً، لا لسبب إلا لأن الطالب تصرف بطريقة لم تعجب المدرس، أو عبرت عن قلة إحترام في نظره. وهنا تبرز أهمية معرفة الخلفية الثقافية التي جاء منها المدرس، فمثلاً يكره المدرس الغربي أن يشار بالإصبع السبابة إلى وجهه. بينما قد لا يتقبل المدرس العربي خروج الطالب من الحصة بدون إستئذان. بالنسبة للمدرس الذي تشترك معه في الخلفية الثقافية، لن تكون هناك مشكلة في التعرف على هذه الأمور، أما المدرس الذي لا تعرف عن ثقافته، من المهم أن تتعرف ولو بشكل مبسط عن الأمور والأعراف التي يتضايق منها هذا المدرس. وحتى وإن كان المدرس مقدراً لعدم معرفتك بتلك الأشياء، وربما لم يتضايق منك عند فعلك لها، إلا أنها سيكن لك عظيم الإحترام إن تجنبت عملها، أو اخطأت بعملها أمامه ثم جئت واعتذرت منه.
خلال سنوات دراستي، لاحظت بأن المحاضرين في الجامعة غالباً لا تخرج شخصيتهم عن أحد أربع شخصيات، هذه قائمة بها، وكيفية التعامل مع كل نوع:
أثناء حصة هذا المحاضر لن تشعر بأنك تدرس في فصل دراسي، سيكون مرور الوقت سريع، وبكل تأكيد ستنتظر الحصة التالية على أحر من جمر. هذا المدرس على الرغم من معرفته، وسعة إطلاعه، فإنه سينزل بتفكيره وأسلوبه إلى مستوى يشعرك بأنك أمام أحد أصدقائك. سيقدم لك الكثير من النصائح، وسيوجهك في حياتك، وغالباً ما ستبقى علاقتك معه حتى بعد تخرجك من الجامعة.
لتحافظ على علاقتك مع هذا النوع من المدرسين، يجب أن تتذكر دائماً أنك طالب وهو مدرس. وعلى الرغم من أنه صديقك، لا تحاول استغلال هذه العلاقة بالتمادي في تأخير الواجبات أو طلب زيادة في الدرجات. حدثه عن مشاكلك، وأطلب منه مساعدتك، في حدود المعقول ودون أن تتسبب في إحراجه. تقبل وجهة نظره، واطلب منه النصيحة الأخوية، ولا تكن متطلباً كثير الأسئلة.
هذا المحاضر سيجعل أعقد المواضيع وأثقلها، خفيفاً وسهل الإستيعاب والتذكر. المدرس المضحك، يحب أن يرى الإبتسامة على وجه طلابه، ويطرب على صوت ضحكاتهم. بالتأكيد محاضرته لن تعدها وقتاً للدراسة، بل ساعة للترفيه المفيد.
لتقوي علاقتك معه، تقبل مزحاته. ولو ضايقتك إحداها تحدث معه بعد المحاضرة وعلى إنفراد. لا يحملك أسلوبه على الإستخفاف به، أو التمادي في المزح معه. فهو قد يحب التفاعل مع الطلبة، ولكن بشرط أن لا يكون هناك تعدي على طالب آخر، أو تلفظ على المدرس والحط من قدره.
ستتعجب من طول بال هذا المحاضر، فلا مشكلة لديه في أن يعيد الشرح مرات ومرات، وسيسمح بتمديد فترة حل الواجب لأيام. وهو متمكن من المادة التي يدرسها، وبالتالي ستجد بأنه يمتلك أساليب مختلفة في طريقة إيصال المعلومة. أكاديمياً هذا النوع هو الأفضل، ولكن عند شعوره بأن طيبته تستغل، سينقلب إلى محاضر شديد الصرامة.
هذا النوع من المحاضرين، يقدر الطلبة الذي يسألون في الفصل ويظهرون حماساً للتعلم. لكن أسلوبه في التدريس قد يرى كفرصة لعدم التحضير، والإكتفاء بما يقوله في المحاضرة. تذكر أن هذا النوع من المحاضرين غالباً ما يكون متمكناً من مادته وبالتالي سيعرف الأسئلة السهلة والأسئلة التي تنم عن ذكاء الطالب وتحضيره الجيد. عندما تسأل أحد هذه الأسئلة العميقة، ستراه يبتسم، ويشكرك على السؤال، ولن يتركك حتى تستوعب.
بعض المحاضرين يفضلون إتباع أسلوب فرض القوانين، والإلتزام بها، والإبقاء على مسافة وحدود بينهم وبين الطالب. ففي نظرهم، مهمتهم هي توصيل المعلومة، ومهمة الطالب الإستماع، وإتباع الأوامر فقط.
هذا المدرس لا ينزل بمستواه للطلبة، بل يرى نفسه فوقهم، بالتالي لتنجح معه، يجب أن تتذكر ذلك دائماً. لا تحاول التقرب من هذا المحاضر، أو تحاول تكوين علاقة صداقة معه، فغالباً ما سيرى ذلك إهانة له ولكيانه. إلتزم بمواعيد التسليم، حضر نفسك جيداً، ولا تدع له فرصة في أن يصطاد أي خطأ عليك. نقده غالباً ما يكون حاداً، لكن تذكر بأنه مدرسك، ابحث في نقده عما يفيدك، ولا تلتفت لما قد يجرحك ويضايقك.
تزود الكلية المحاضر بخطة عمل للمادة، أو تطلب منه إعدادها. هذه الخطة يطلق عليها خطة المنهج الدراسي أو (Course Syllabus)، وتحتوي على جميع ما تحتاج معرفته لدراسة المادة من المواضيع المطروحة في المنهج، الأعمال اللازم عليك إنجازها وتوزيعها خلال الفصل الدراسي، وجميع الأنظمة والقوانين الجامعية والتي ستهمك أثناء دراستك للمادة. معظم المدرسين يوزعون هذه الورقة في المحاضرة الأولى، وغالباً ما ستجدها في الصفحة الإلكترونية للمادة، لذلك سيمكنك الحصول عليها وطباعتها قبل المحاضرة أو في حالة عدم توزيعها.
هذه الخطة ستساعدك في وضع خطة عملك، وفي معرفة درجة صعوبة المادة، وكذلك من خلالها ستتعرف على مدرسك، وطرق التواصل معه. وهي كالعقد الذي بينك وبين المدرس، فهي تشرح المادة التي سيدرسها لك المدرس، والإلتزامات المفروضة عليك، والعقوبات الجزائية في حالة إخفاقك في تأدية تلك الإلتزامات. وكأي عقد توقع عليه، يجب أن تقرأ خطة المنهج الدراسي بشكل جيد، وتستوعبها. وبالتالي يكون لديك تصور من البداية، عن الأعمال والواجبات المطلوبة وموعد تسليمها، وما سيحدث في حالة عدم قدرتك على الوفاء بها.