جاسم الهارون

دليل الطالب الجامعي

مجتمع الجامعة



هذه المجموعة منوعة، ومعقدة، فهي تحتوي على أناس من مراحل عمرية وذوي مستويات فكرية مختلفة. ولكن لو نظرت للصورة الكبيرة، سيمكنك تصنيفهم إلى قسمين: قسم يشمل جميع موظفي الجامعة الإداريين، وهؤلاء سيقدمون لك خدمات متعلقة بتسهيل عملية الدراسة في الجامعة. والقسم الآخر من هذه المجموعة، يشمل أفراد غالباً يكونون من خارج الجامعة، ويكون تعاملك معهم مباشراً طوال سنوات دراستك في الجامعة، مثلاً مالك الوحدة التي تسكن فيها، جيرانك في السكن من غير الطلبة، وجميع مقدمي الخدمات التجارية في محيط الجامعة.

بالإضافة إلى أصدقاء وزملاء الدراسة والمحاضرين، أثناء سنوات دراستك سيكون عليك التواصل والتعامل مع أشخاص في مجتمع الجامعة. هذه المجموعة تشمل موظفوا الجامعة المسؤولين عن تقديم المساعدة وخدمتك أثناء دراستك، وعامة الناس الذين يعيشون في محيط الجامعة. القاعدة العامة في التعامل مع هؤلاء المجموعتين، الإلتزام بالأدب وسعة الصدر، وإحترامهم وتقدير ما يقدمونه لك مهما كان ذلك صغيراً في نظرك. كلمات بسيطة كـ (من فضلك)، (لو سمحت)، (جزاك الله خيراً)، و(شكراً)، ستفي بالغرض. التعامل مع الناس، مهارة أنت إكتسبتها والمفترض بأنك متقن لها الآن. سيتبقى أمرين يجب عليك ملاحظتهما أثناء التواصل مع أشخاص من مجتمع الجامعة، وهما: كيفية التعامل مع أناس من خلفيات ثقافية وفكرية مختلفة عنك، وأنواع الخدمات التي توفرها الجامعة ومن سيوفرها لك.

التعامل مع أناس من خلفيات ثقافية مختلفة:

التواصل هو مفتاح التعامل مع الناس، فلطلب خدمة، مساعدة، أنت تتواصل مع طرف آخر توصل له رسالتك وتنتظر منه رداً عليها. من الخطأ الإعتقاد بأن الرسالة هي فقط الكلام الذي نقوله أو نكتبه. فالفكرة هي النواة وعند إرسالها في صيغة كلام أو كتابة، أنت تقوم بتغليفها بأشياء تتوقع بأنها ستساعد رسالتك على الوصول للطرف الآخر، وستعين في عملية إقناعه على تقديم الخدمة أو المساعدة لك. تلك الأمور التي نغلف فيها أفكارنا، تشمل أشياء كاختيار الألفاظ المناسبة، لغة الجسد كدرجة الصوت وحركة اليد وطريقة الجلوس أو الوقوف، التدرج في الطلب، ووقت إرسال الفكرة. المشكلة في هذه الأغلفة، أنها غير ثابته، بل تختلف بإختلاف الشخص الذي نتحدث معه. فأسلوبك في الحديث ولا شك يختلف عندما ترغب بإيصال فكرة إلى طفل أو رجل، أو عندما تتحدث إلى رجل أو إمرأه، وزير أو رئيس الجامعة، مدرسك أو زميلك في الفصل. وهذا سيتغير عندما تتحدث مع شخص من خلفية ثقافية مختلفة عنك.

الإختلافات الثقافية، ستؤثر على نظرتك للناس من حولك، وكذلك على نظرة الناس لك. التنبه لها، سيساعدك على استيعاب أطباع المجتمع الجديد، وتتفهم تصرفات أهله. والتصرف بشكل لائق، يعينك على الإحتكاك بالناس، وعلى إيصال رسائل جيدة عن ذاتك. عندما تدرس في مجتمع مختلف عن مجتمعك، ستجد بأن أهم الإختلافات التي سيكون تأثيرها مباشراً عليك هي في محورين: كمية الإستقلالية الشخصية التي يفرضها المجتمع على شخص في عمرك، ومدى وجود طبقية سلطوية بين أفراد المجتمع خصوصاً بين المدرس والطالب.

1. درجة الإستقلالية الشخصية:

بعض المجتمعات تحتم على أفرادها أن يكونوا أشخاصاً مستقلين مادياً وفي إتخاذ القرارات، مما يعني أن يسعى الشخص لتحقيق نجاحاته وطموحاته الشخصية دون النظر أو التفكير في غيره. عكس الإستقلالية الفردية، هي الجماعية، ويقصد بها أن تكون مصلحة المجتمع أو الأسرة مقدمة على مصلحة الشخص. فحين يفكر الشخص بإتخاذ قرار، أو القيام بعمل فلا بد أن ينظر ويفكر في إنعكاس قراره على أسرته ومجتمعه. المجتمعات الرأسمالية، معظم الدول الغربية، تتبنى مجتمعاتها الإستقلالية. أما المجتمعات الشيوعية، معظم دول شرق آسيا، تميل للمجتمعية. والمجتمعات المسلمة في الغالب تكون وسطاً بين الفريقين.

المجتمعات التي تشجع على الإستقلالية، تجد بأن الناس يتحدثون بصيغة الـ(أنا). ستسمع في الفصل الدراسي (أنا رأيي في هذا الموضوع كذا)، وفي الشارع (أنا أتوقع منك دفع تأمين للسكن، لأضمن استلامي للشقة نظيفة عند إنتهاء العقد). لن يفهم الناس إقدامك على مساعدة شخص غريب دون أية فائدة تعود عليك. الناس في هذه المجتمعات لا يجدون مشكلة في التعبير عن أفكارهم وآرائهم الشخصية، وبشكل مباشر وصريح. وبالتالي عند نقاش موضوع في الفصل، لا تستغرب حدة النقاشات ومباشرة الوصول إلى النقطة، أو الرد على المدرس، ومناقشته في أفكاره والإعتراض عليها.

أما المجتمعات التي تشجع على المجتمعية، تجد بأن الناس يفضلون التحدث بلغة (نحن)، ويقصدون بها العائلة، المجتمع أو الدولة. عندما يسأل طالب من مجتمع شيوعي عن رأيه في موضوع ما، غالباً لن تسمع منه (أنا رأيي)، بل سيقول (في بلدنا نرى بأن هذا أفضل). وعندما يرغب شخص في التحدث معك عن موضوع شخصي، أو في طلب خدمة ما، لن يكون مباشراً معك بالطلب.

2. درجة السلطوية في المجتمع:

السلطوية تعني أن أفراد المجتمع يتقبلون ويرون بأنه من الطبيعي وجود عدم مساواة في القوة والحالة الإجتماعية بين الناس. أي المدير في العمل، يجب أن يكون لديه قوة ومكانة إجتماعية أعلى من موظفيه. ورئيس هذا المدير لديه قوة أعلى منه. بمعنى آخر، في المجتمعات التي تكون فيها السلطوية عالية، المنصب في العمل أو المكانة الإجتماعية، ترفع أشخاصاً وتفرض على المجتمع معاملتهم بشكل مختلف عن الأفراد العاديين. وفي المجتمعات ذات السلطوية المنخفضة، المناصب لا تضيف للأشخاص أي شيء، ولا تعني معامتلهم بشكل مختلف. فالإحترام والمعاملة الخاصة، تكون للمنصب لا للشخص.

أثناء دراستك في مجتمع ذو درجة عالية من السلطوية، توقع أن يطلب منك المدرس تنفذ أوامره بدون مناقشة أو سؤال. ولو كان لديك عذر، فسيعذرك المدرس ولكن ذلك تطبيقاً للقوانين التي فرضتها عليه الإدارة. الواجبات المطلوبة منك ستكون بصيغة الأمر، والتوجيهات الواضحة والمحددة، ولا مجال للإبتكار بالخروج عن تلك التوجيهات. الطلبة في تلك المجتمعات يتوقعون تلك التوجيهات، وكذلك ينتظرون الإشراف المباشر والقريب، وغالباً ما تكون تلك التوجيهات على هيئة نقاط ودون إعطاء فرصة للتواصل مع المدرس لشرحها أو توضيحها.

أما لو كنت ستدرس في مجتمع ذو درجة منخفضة من السلطوية سيكون العكس تماماً. ستكون الأوامر قليلة. وغالباً على هيئة نقاش، لإتخاذ قرار بالتصويت بين الطلبة والمدرس. ستجد بأن الهيكل التنظيمي في الجامعة بسيط، ولا وجود لسلم إداري كبير. المدرس سيكون دوره إرشادي وإستشاري، وليس توجيهي وإداري. لن يرضى المدرس بإعطائك خطوات لحل الواجب، بل سيعطيك الهدف، ويترك لك المجال لأن تبدع وتكتشف الطريق الذي من خلاله ستصل لهدفك.

الخدمات في الجامعة والمرافق المسؤولة عنها:

ستوفر لك الجامعة خدمات متعددة، منها ما هو متعلق بدراستك أو بحياتك العامة. معرفتك بهذه المرافق مبكراَ، سيختصر الوقت، وأيضاً ستتفادى الإحراج، بعدم الإستفاضة في شرح مشكلة خاصة لشخص لا علاقة له بطلبك. ولاحظ أن مسميات المرافق والخدمات التي يوفرها كل مرفق قد لا يتطابق في جميع الجامعات:
- مكتب القبول: المسؤول عن إنهاء إجراءت تسجيلك في الجامعة، وفيه أيضاً ستجد برنامج إرشاد الطلبة المستجدين. لن تحتاج لزيارته غالباً إلا في بداية مشوارك الدراسي وعند نهايته.
- مكتب التسجل: مكتب التسجيل هو المسؤول عن إدارة جدولك الدراسي، وتقييد الدرجات التي تحصل عليها في سجلك الدراسي.
- مكتب خدمات الطلبة: تندرج تحته عدة مكاتب تساعدك وترشدك طوال سنوات دراستك في الجامعة. لذلك حين تواجهك أية مشكلة لا تعرف من يساعدك فيها، توجه لهذا المكتب أولاً.
- مكتب الأنشطة اللامنهجية أو الرابطة الطلابية: غالباً ما يكون تابع لمكتب خدمات الطلبة، وهو مسؤول عن الأنشطة اللامنهجية والإجتماعية الخاصة بالطلبة.
- مكتب خدمات الطلبة الأجانب: دور هذا المكتب مشابه لمكتب خدمات الطلبة، ولكنه موجه لدعم وتوجيه الأجانب.
- مكاتب التخصصات والكليات: لكل كلية في الجامعة مكتب يعني بإرشاد ومساعدة الطلاب التابعين لتلك الكلية، وتوفير المعلومات للطلاب المهتمين بأحد تخصصات الكلية.
- مكتب السنة التحضيرية: يدير هذا المكتب البرنامج التحضيري للطلبة المستجدين، وأيضاً، يوفر الدعم والإرشاد لهؤلاء الطلبة.


الصفحة السابقة

المحاضرين في الجامعة