العدد الثالث - الأربعاء 1 يوليو 2015م (14 رمضان 1436هـ)
انتصف الشهر الفضيل، تقبل الله ما انقضى من أعمال، وأعاننا على عمل مايرضيه عنّا فيما تبقى. على مقدار فرحتنا، إلا أننا لا نستطيع كتم الحزن والغصة ونحن نرى نار الإرهاب تكوي أخوتنا في السعودية والآن في شهر الله الفضيل في الكويت. القضية أبعد من اختلاف مذهبي بين السنة والشيعة، فلقرون عديدة تعايش المسلمين بإختلاف مذاهبهم، تحت مظلة التوحيد والقبلة الواحدة وبهدي القرآن الكريم. فما الذي حصل في الخمسين سنة الأخيرة. هذه دعوة لنصفي قلوبنا، ونحترم بعضنا ولنركز على نقاط الإتفاق بدل التركيز على الإختلاف. ولنستمع لمن يحاكي عقولنا، بدل ذلك الذي يهيض عواطفنا ويجيشنا لحرب الآخر.
قليل مستمر خير من كثير منقطع. مبدأ يجب تطبيقه ليس في عباداتنا فقط، بل على جميع الأصعدة. العامل أو التاجر الذي يركز على إقفال المهام المطلوبة دون التركيز على جودة عمله، في الغالب لن يتم تقييم عمله بشكل جيد، وربما أضطر إلى إعادة العمل على مشاريعه من جديد.
شهدت حقبة التسعينات ولادة مفهوم تطوير الذات والمؤسسات. أحد أهم المواضيع التي كانت تطرح وتكرر مواضيع مثل: صناعة القادة، أطلق القائد، القيادة والنجاح.. يلاحظ أن كلها تتكلم عن القائد والقيادة وربطها بالنجاح، بينما كان هناك تجاهل لأدوار ومهارات باقي أعضاء الفريق. طبعاً ليس المقصود بأن دور القائد غير مهم أو غير مؤثر، ولكنه لا يتعدى كونه أحد لاعبي الفريق. هذا الأمر برأيي خلق عدة إشكاليات لدى المتلقين وفرق العمل التي يعلمون بها.
في البداية التركيز على الربط بين القيادة والنجاح أدى إلى تقصر نظرة الكثيرين للناجحين على أنهم المدراء والقادة الكبار فقط. متجاهلين الأدوار المؤثرة التي يلعبها بقية الفريق. على الرغم من أن نسبة كبيرة للنجاح أساسها إلتزام وتفاني أعضاء الفريق. القائد الناجح لديه رؤية، ويسانده في تحقيق رؤيته أشخاص لديهم مهارات تحول تلك الرؤية إلى واقع. وبعدم وجود هؤلاء الداعمين ستبقى الرؤية شيء نظري.
أضف إلى ذلك أن الشخص الذي يحضر محاضرة أو يقرأ كتاباً يتحدث عن المهارات القيادية، سيرغب ولا شك بممارسة وتجربة ما تعلمه. أحياناً سيكون ذلك على حساب أن يفسح المجال لمن هو أكفأ أو أعلم منه. وقد يكون ذلك بشكل ودي حيث أن بعض القادة يتركون الساحة للآخرين كي يتعلموا ويجربوا. فإحدى أهم صفات القائد أن بطبيعته ينتج قادة. لكن لو كان الموقع لا يستحمل التجربة، وصاحبنا لا يرى ذلك ويرغب بالمزاحمة ليأخذ دفة القيادة، قد يحدث تصادم في داخل الفريق الواحد وقد يؤدي إلى تعطيل عمله.
أخيراً، بترويجنا لفكرة أن النجاح والقيادة وجهان لعملة واحدة، نحن نوجه الناس لتعلم مهارات القيادة ونبعدهم عن المهارات الأخرى. مثلاً حل التفاعل مع الفريق، المهارات التقنية والفنية. وكذلك نقتل شعور الفريق الواحد، أن نجاح الفريق هو معطى تفاعل كافة أعضاء الفريق، وليست منسوبة إلى شخص واحد. هذا الذي سيأخذ كافة الفضل، ثم سيوزع جزء منه على بقية الفريق حسب ما يراه هو.
الآن لنعود إلى السؤال: هل فعلاً نحتاج هذا العدد من القادة؟
الجواب برأيي لا. نعم نحن نحتاج إلى عدد كبير من القادة الجيدين ليوحدوا ويوجهوا الجهود، ولكن مالم تكن بدايتنا من تقدرينا لفكرة الإنتماء للفريق، وترشيح الأكفأ لقيادته، والإلتزام بتوجيهاته. فإن مجهوداتنا ستضيع ولن تفيدينا رؤية أفضل قائد للوصول للهدف.
المهندس/ مهدي الحوساني، مهندس إلكترونيات واتصالات ومدوّن تقني مهووس بالتقنية وتطبيقاتها المفيدة. مدونته من أقدم المدونات العربية وأكثرها إثراً للمحتوى. أسلوبه رائع في الكتابة وإصراره على استخدام اللغة العربية حتى في المصطلحات الفنية. مدونته كانت سابقة لزمانها، وهذا ربما كان أحد أسباب اتخاذه لقرار إقفالها والتوقف عن النشر بعد ثلاث سنوات (2007-2009). المدونة غير موجودة حالياً على الإنترنت ولكن هناك نسخة مؤرشفة في أرشيف الإنترنت تجدون الرابط لها تحت المقال المختار.
م/ مهدي الحوساني
بالإنجليزية, يسمونه Procrastination, أي التأجيل أو التسويف. والتأجيل والتسويف, هما وجهان لعملة واحدة: نؤجل عمل اليوم إلى الغد، وعمل الغد إلى بعد غد وهكذا، حتى تمضي أسابيع, فشهور، فسنوات، فالعمر الكامل ولم ننجز فيه تلك الأعمال.
لا أؤمن كثيراً بما أقرأ من مقالات أو كتب عن تطوير الذات، وخصوصاً عن الموضوعات التي تتعلق بتنظيم الوقت أو بمعالجة التأجيل أو التسويف. السبب، هو أن الكثير من تلك المنشورات تقدم حلولاً خيالية إلى حدٍ ما، ولكن الأهم هو العامل التجاري الذي يقف خلف الكثير منها. كذلك الامر بالنسبة لدورات تطوير الذات أو المهارات. لا أقول جميعها، بل أقول بأن الكثير منها الهدف منها هو الربح والكسب والتسلق على ظهر القارىء إلى شجرة الدولارات المثمرة. وما أكثر الذين يجيدون هذا وخصوصاً في عالمنا العربي في موضوعات التداوي بالأعشاب وغيرها ... فهم غالباً ما يستغلون ضعف وحاجة الناس، وتعطشهم للحلول.
أؤمن بأن: الإرادة, الرغبة والقناعة بأن “ما حك جلدك مثل ظفرك ...” بالإضافة إلى قراءة المجدي والمفيد من الكتب أو المقالات ... الخ هو الذي سيساعدك على تطوير ذاتك.
عودة إلى الموضوع: عندما كُنت طالباً في المدرسة ثم في الجامعة، كنت أحرص كثيراً على حل الفروض والواجبات وكتابة التقارير المخبرية ... الخ ما أن أصل إلى منزلي. ولكن بالمقابل، وخصوصاً في مرحلة الدراسة الجامعية في الغربة، كنت أترك أعمال المنزل بالكامل للظروف! وكلما دخلتُ المطبخ مثلاً، أقول في نفسي: سأنظفه بعد أن أنتهي من الدراسة، وبعد أن أنتهي من الدراسة، فاذهب إليه ثانيةً لصنع فنجان قهوة مثلاً، فأرى حالته السيئة ثانيةً فأقول في نفسي: سأنظفه بعد أن أشاهد الفيلم، وبعد أن أشاهد الفيلم مساءً فأذهب إليه لشرب الماء، فأرى حالته, فأقول لنفسي ومن جديد، سأنظفه لما أعود غداُ من الجامعة، الآن وقت النوم ... إلى أن أسوّف تنظيفة إلى عطلة نهاية الأسبوع ...
والغريب حقاً، أنه لما أقرر كسر التسويف فأبدأ في العمل، أدرك في كل مرة بأن تنظيفه لم يأخذ مني وقت أكثر من نصف ساعة! والغريب أيضاً، بأنني ألاحظ بأنني أمارس العمل وبمتعة، ترى فلماذا أجلت هذا الفعل مرات ومرات ومرات ... ؟
على ما أذكر, يقول جبران خليل جبران: الرغبة نصف الحياة! ويقول باولو كويليو: إذا رغبت بشيء، فإن العالم بأسره يتواطأ معك لأجل تحقيقه! إذن, فالرغبة تليها الإرادة هي الطاقة الحقيقية لتأدية المهام، الأعمال والواجبات في مواعيدها ودون تأجيل أو تسويف. كذلك، نقول دائماً بأن معرفة أسباب المشكلة أو “المرض” هي الطريق إلى إيجاد الحلول، ومن وجهة نظري، أرى بأن الأسباب التالية هي التي تؤدي إلى التأجيل أو التسويف، إذا استطعتُ معالجتها، أستطيع حل المشكلة:
1. الرغبة: يجب أن تكون لدينا الرغبة في تأدية العمل.
2. الإرادة: نحن نفتقر للإرادة التي دون وجودها فلا فائدة من الرغبة.
3. نحن فقط نحتاج إلى شرارة البدء: بدليل أنه ما أن نباشر في القيام بالأعمال والمهام المؤجلة حتى ندرك أنها استغرقت وقتاً أقل بكثير من الذي توقعناه.
4. الثقة بالنفس: ليس لدينا الثقة بأننا نستطيع القيام بهذه الأعمال بنجاح!
5. الخوف: في بعض الأحيان, يعترينا شعور غير مبرر وغير مفهوم يمنعنا من القيام بهذه الأعمال!
6. الكسل: هو النتيجة الحتمية لغياب الرغبة والإرادة.
7. المتعة: من خلال المثال الذي ضربته أعلاه من تجربتي الشخصية، لطالما اعتقدت بأن الدراسة أكثر متعة من تنظيف المطبخ! وهنا أذكر مثلاً عكسياً أقنعني كثيراً، سمعته من مدرس الرياضيات في مرحلة المدرسة، قال مدرسي: نحن الأطفال أو التلاميذ, نصرف ساعات وساعات على مشاهدة التلفاز في حين أننا قد لا نصرف أكثر من دقائق معدودة على الدراسة، بسبب أن مشاهدة التلفاز أكثر متعة من المذاكرة، أو على الأقل، هكذا يعتقد الأطفال أو التلاميذَ.
خلاصة القول: علينا فقط أن نبدأ
قصة دين البطة، لاعب الركبي الذي وصل للقمة، وتحطم ولا يزال يحاول الصعود مرة أخرى.
أثناء جلوسي في ساحة الجامعة وانتظاري للإختبار، اقترب مني شخص أسترالي. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي أراه فيها، فـ”دين” يعرفه معظم المنتسبين للجامعة من طلاب وموظفين. أخرج علبه سجائره، وقال لي: “هل يمكنني الجلوس بجوارك؟” قلت له: “نعم، بكل تأكيد!”. ابتسم وجلس إلى جواري ثم بادرني قائلاً: “أريد أن أخبرك بقصتي.” طبعاً لم أستطع أن أقول له لا…
سيصدر العدد القادم بمشيئة الله تعالى يوم الأربعاء الموافق 15 يوليو 2015م. الأخوة الراغبين بأن يكونون ضيوف أو يقترحوا ضيوف لزاوية “قلم زائر” يمكنهم ذلك من خلال صفحة التواصل. كما سيسعدني الإعلان عن الفعاليات الثقافية والتطويرية الرسمية المجانية والتي ستعقد في مناطق السعودية في شهر يوليو.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
دمتم طيبين.