جاسم الهارون

المدونة



بزغت شمس المدرسة التقليدية للإدارة في القرن الثامن عشر وفي بدايات القرن التاسع عشر، كان البشر يعيشون مرحلة إنتقالية مهمة جداً. الثورة الصناعية، بدأ فيها الإنتاج المواد والبضائع بشكل كبير، وأيضاً بدأت المؤسسات الكبيرة بالظهور. صاحب ظهورها مشاكل تتعلق بإدارة هذه المؤسسات، وتوجيه العمّال والموظفين. حاول المنظرين وأصحاب الأعمال في تلك الفترة البحث عن الحل الأفضل للعمل والإنتاج، بما يتناسب والأوضاع السائدة في ذلك الزمن.

انقسم الباحثين في تلك الفترة إلى قسمين:
- قسم أطلق عليهم الإدارة العلمية Scientific Management.
- والقسم الآخر أطلق عليهم الإدارة الكلية Total Entity Management.

الإدارة العلمية:

أصحاب هذه الفكرة ركزوا في بحثهم على حل مشكلتين:
- كيف يتم زيادة معدل إنتاجية العامل؟
- وكيف تتم زيادة فعالية الإدارة؟
واتبعوا في بحثهم أساليب علمية لحل المشاكل التي تواجه المؤسسة. مثلاً، الحسابات الرياضية، وخطوات لحل المشكلة أو خطوات لأداء العمل أو المهمة. بمعنى آخر، كان الباحثين ينظرون للعمّال على أنهم طرف في معادلة تضعهم في ذات الصف مع الآلات والمواد، متجاهلة الجانب الإنساني.

أبرز أعلام هذه المدرسة:

- فريدريك تايلر، ينسب له فكر “التايلرزم” يعتبر هو الأب الروحي لمدرسة الإدارة العلمية. استخدم معرفته بالهندسة لحساب العلاقة بين الإنتاج والراتب. كان يؤمن بأن هناك طريقة تعتبر “الأفضل” للعمل، وينطبق هذا على كل الأعمال في الحياة. من هذا المنطلق مهمة العامل أن يحرص على اتباع هذه الطريقة بحذافيرها، والمدير عليه التأكد من قيام العمال بذلك. هناك أربعة أساسيات لفكر تايلر للإدارة العلمية:
1. إستبدال التقريب أو مايعرف بـ”Rule-of-thumb” عند أداء المهام، بوضع آلية مبنية على دراسة علمية للمهام وطريقة إنجازها.
2. إختيار العمال وتدريبهم بطريقة علمية.
3. توفير شرح مفصل لطريقة أداء العمل، ومتابعة ومراقبة العامل للتأكد من أداءه لواجباته.
4. تقسيم المهمة بين الرئيس والموظف، بحيث يتولى الرئيس التخطيط والترتيب، والموظف يؤدي المهمة.

- فرانك وليليان قيلبرث، زوجان، أنطلاقا من أعمال فريدريك تايلر وطوراها بإدخال الآلات وآليات لمساعدة العمال على تطوير أدائهم للحد الأقصى. تم ذلك باستخدام التدريب، الأدوات، بيئة العمل، وطريقة أداء المهام للعمال.

- ماكس فيبر، عالم اجتماع ألماني، مؤسس فكرة المنظمة المثالية أو الخالصة، هذه الفكرة سميت لاحقاً بالبيروقراطية. البيروقراطية تعني بأن المنظمة يجب أن تكون رسمية، غير شخصية، محكومة بالقوانين والأنظمة بدل الناس. يمكن التعرف على بروقراطية فيبر من العلامات التالية:
1. تقسيم واضح ومحدد للعمال فيه يتم تحويل المهمة المعقدة إلى عدة مهام صغيرة مبسطة ومكررة.
2. تعريف واضح للهيكل الإداري، وتحديد آلية مرتبة لرفع التقارير مرتبطة بالسلم الإداري.
3. نظم وقوانين تحكم صلاحيات الموظف والعمليات في المنظمة.
4. القرارات، التوجيهات، والأنظمة لابد وأن تكون مكتوبة.
5. ترقيات الموظفين محكومة بالمؤهلات التقنية أو الدراسية.
6. الموظف محمي من الفصل التعسفي.

- وليام ليفينقويل، ينظر له على أنه أب الإدارة المكتبية. قام بتطبيق الإدارة العلمية في الأعمال المكتبية، ووضع الخمسة أساسيات للعمل الفعّال:
1. خطط للعمل.
2. ضع جدول للعمل.
3. إبدأ العمل.
4. قس جودة العمل.
5. كافئ الموظفين.

كما قد تكونون لاحظتم، أن هذه المدرسة لا تزال معظم الشركات في وقتنا الحاضر تعمل بأساسياتها. فمثلاً التايلرزم، هي أساس العمل في معظم المصانع. أما البيروقراطية فهي أساس العمل في الدوائر الحكومية، وهذا ليس الواقع في الوطن العربي بل على مستوى العالم.