جاسم الهارون

المدونة



كغيرها من العلوم، الإدارة كما نعرفها اليوم هي تطور ومجموع لأعمال وبحوث مفكرين سابقين. لكن مما قد لايعرفه البعض، أن غالب أفكار الإدارة التي نتعامل بها اليوم، ليست قديمة جداً. هذا الشيء لم أفكر فيه سابقاً، ولكن نقاشي مع أحد المدرسين كشف لي مجموعة من المعلومات المتعلقة بتاريخ الإدارة وتطورها. قد تختلف تصنيفات وتقسيمات الإدارة، لكن التقسيم الذي سأذكره أشعر بأنه أكثر واقعية. وفيه تم تقسيم مدارس الإدارة إلى خمسة مدارس:
- المدرسة التقليدية (Classical School) الجزء الأول – الجزء الثاني.
- المدرسة السلوكية (Behavioral School).
- مدرسة الإدارة العلمية (Management Science School).
- مدرسة إدارة الجودة (Quality Management School).
- مدرسة الأنظمة (Systems School).

قبل أن نبدأ في الحديث عن كل مدرسة من مدارس الإدارة السابقة، لنتحدث عن تعريف الإدارة وبدايتها وكيف تطورت قبل أن تنقسم إلى المدارس الخمس السابقة.

الإدارة:

كل مدرسة من المدارس السابقة ترى الإدارة من زاوية مختلفة، ولكن بشكل عام الإدارة هي: “العمل مع الآخرين وإستخدمهم، لمزج الأفراد، المواد، المال، الأساليب، الآلات، والأخلاقيات. لوضع أهداف لمنظمة وتحقيقها” (المصدر ص٦). أما مهام المدير فهي كثيرة، وأهمها:
- التخطيط.
- التنظيم.
- التنسيق.
- القيادة.

الإدارة عبر التاريخ:

مما سبق لابد وأنك لاحظت أن المهام السابقة كانت موجودة منذ فجر التاريخ. فالفراعنة مثلاً أنجزوا عملية بناء الأهرام ولابد أن كان هناك من يخطط للبناء ويوجه العمّال، وكذلك الرومان حكموا جزء كبير من العالم واحتاجوا لذلك قادة عسكريين. وليس ببعيد عنّا الدول الإسلامية أدارها الخلافاء والولاه.

الإدارة كعلم لم توضع أساسياته وتوثق إلا في نهاية القرن التاسع عشر، وهذا ما سنتحدث عنه في المدارس الخمس للإدارة. لكن لا يعني ذلك أنه لم يكن هناك توثيق أو كتابات قبل ذلك التاريخ. بحسب موقع ويكيبديا هناك عدة كتابات قديمة في الإدارة وذُكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- “فن الحرب” لسن زو. وهو كتاب يتحدث بشكل رئيسي عن استرايتجيات الحرب ووضع الخطط، وله تطبيقات في مجال الأعمال والإدارة.
- نيكولو ماكفيلي في بدايات القرن السادس عشر، ألف كتاب “الأمير” يضع فيه أساسيات الدبلوماسية. وأهم أفكاره كانت بأن المحفز الرئيسي للأشخاص هو الفائدة الشخصية.

في تلك الفترة وحتى وقت قريب كان نظام العمل يتم بطريقة “المعلمية” إن صح التعبير. مثلاً، عندما يرغب شخص بشراء صحن، فإنه يذهب للنحّاس. هذا النحّاس غالباً ما كان يأخذ الطلبية من الزبون، ويصنع الصحن حسب الطلب. وفي الوقت ذاته هذا النحاس لديه عدد من الموظفين يشتغلون في محله ويتعلمون منه الصنعة. وكما تلاحظ عدد الموظفين قليل وبالتالي موضوع القيادة والتنسيق لم تكن صعبة. وأيضاً الإنتاج لم يكن موسعاً وبالتالي التخطيط أيضاً لم يكن صعباً.

كان ذلك هو الحال إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، حينها بدأ ما يعرف بالثورة الصناعية. الإنتاج بكميات كبيرة والمصانع جاءت وجاء معها الحاجة لتخفيض التكلفة وسرعة الأداة والجودة أو…للإدارة.