منظومة الهرم قد تكون معروفة لمعظم من عايش فترة دخول الإنترنت للسعودية، ولدغوا من إحدى الشركات التي جاءت مع الإنترنت. من منّا لم يسمع عن شركة بزناس، فهي أشهر من نار على علم، هذه الشركة كانت تعتمد أسلوب الهرم بشكل واضح، وخدع بها الكثير، قبل أن تصدر فتوى بتحريم المشاركة فيها. في هذه الحلقة لن نتعرض للجانب الديني من نظام الهرم، بل سننظر للجانب المادي، وكيف يمكن استخدام هذا الإسلوب لإستنزال وسرقة أموال المستثمرين.
هو نموذج أعمال غير مستديم، أو غير مستقر، تَعَد المنظمة فيه المشتركين فيها بدفعة على هيئة نقد أو خدمة أو معلومة، مقابل جلب مشتركين آخرين للإنضمام في المنظمة، أو تدريبهم لجلب أعضاء آخرين. ولا يعني ذلك بالضرورة عدم وجود سلعة يتم تداولها أو بيعها للعامة، ولكن التركيز الرئيسي والهدف الأكبر هو جلب مشتركين جدد. سمي هذا النظام بالهرم، لأن المشتركين الجدد يضافون تحت من سبقهم من المشتركين، مما يكون هرم، أعلاه مؤسس المنظمة أو مندوبه، وأدناه آخر المشتركين إنضماماً. وهو نظام إحتيال وخداع ومحرم قانونياً في معظم الدول المتحضرة. وبسبب تحريمه والسمعة السيئة له، تخفي الكثير من المنظمات التي تعمل بنظام الهرم آلية عملها أو تحور فيها لتظليل العامة. وفي السنوات الأخيرة، أصبحت معظم هذه المنظمات تدعي بأنها تتبع نموذج التسويق الشبكي، أي البيع المباشر والذي سيتم الحديث عنه لاحقاً.
دفع “زيد” مبلغ 500 ريال، بعد أن أقنعه أحد أصدقائه بالإنضمام ووعده بإمكانية وصول دخله الأسبوعي لمائة ضعف هذا المبلغ أو 50000 ريال خلال أشهر قليلة، وما عليه إلا إقناع معارفه بالإشتراك في المنظمة. شمل مبلغ 500 ريال مجموعة كتب تساعد “زيد” وترشده لأساليب الإقناع والتسويق. مصدر الدخل الذي وعده به صديقه، سيكون عبارة عن نسبة من قيمة الإشتراك التي سيدفعها المشتركون الجدد، أو المشتركين في الدرجة الأولى تحت زيد، للدخول في الهرم. وكذلك نسبة من قيمة اشتراك من يأتون تحتهم، أي المشتركين في الدرجة الثانية أو الثالثة والرابعة تحت زيد.
تبدأ المشكلة حين تزداد الطبقات تحت الفرعون، أو الشخص في أعلى الهرم. بإزدياد عدد المشتركين، هذه الزيادة تصل إلى أرقام فلكية خلال عدد بسيط من الطبقات أو الدرجات. عدد المشتركين ومكانك في الهرم، سرية ولن يعلم عنها إلا الأشخاص في قمة الهرم. لتعرف مدى سرعة إنهيار هذا الهرم، وعدم إمكانية تحقيق الأهداف التي سيضعها القائمون على المنظمة كمحفز للمسوقين، لنأخذ هذا المثال:
عادة ما تطلب الشركات توظيف 6 أشخاص جدد تحت أي عضو، ليتمكن من البدء في تحصيل المبالغ. حينها سيتضاعف عدد أعضاء الشركة، بالشكل التالي:
ويمكننا القول بأنه كلما طال عمر الهرم، وقدم المشروع، كلما كان الأعضاء المضافين في الدرجات الدنيا من الهرم أكبر. بالتالي تحصيل أعضاء جدد سيكون صعباً إن لم يكن مستحيلاً. وكذلك هو الحال عندما يقال لك بأنك يجب أن تخطو عدة خطوات لتحقق الأهداف وتحصل على جوائز المتميزين. ففي هذه الحالة اعتبر نفسك الفرعون، وشاهد بنفسك مجموع عدد المشتركين الذي يتوجب عليك جذبهم للإشتراك في المشروع.
عندما تزداد عدد درجات في الهرم، ويرى صاحب المشروع أنه من غير المنطقي الإستمرارية، فلا مزيد من المضافين الجدد، يوقف مشروعه ويكتفي بما حصله حتى تاريخه. وربما قام ببدء هرم جديد، تحت مسمى مشروع جديد.
المثال السابق احتوى على النظام الهرمي الأساسي والواضح. أي أنك تدفع مبلغ لتكون جزء من الهرم، وثم تحصل عمولة على كل مشترك جديد يضاف للهرم عن طريقك. بالطبع شركات الإحتيال، وخصوصاً مع وجود القوانين المانعة، والفتاوى المحرمة، سيحاولون تغليف آلية عمل المشروع بطابع قانوني وشرعي. وهنا تأتي مسؤوليتك في التفكير والبحث، فأعذار الشركة لن تعيد مالك الذي تخسره عندما ينكشف المشروع، والمال الحرام سيبقى حراماً.
معظم آليات المشاريع الهرمية، ستكون اشتقاق مباشر من النظام الهرمي المباشر، أي أن قليلاً من البحث في نظام الشركة سيكشف لك أنها تتبع الأسلوب الهرمي. وهناك آليات أخرى هرمية، ولكنها تختلف في النظام وطريقة العمل، وبالتالي قد تختلط الأمور، فأحببت إيراد اشهرها.
على الرغم من أن تسويق نظام الهرم الأساسي، يعتمد على أن المستثمر سيضطر للعمل على اقناع عدد من الناس للإنضمام للمؤسسة، وبعد أشهر، ستنتقل هذه المهمة لمن هم تحته، يرى بعض المستثمرين بأن هذه العملية متعبة! وتأخذ وقتاً طويلاً قبل الحصول على نتائج ملموسة. لذلك قامت بعض المنظمات الهرمية بتطوير أسلوب نظام قائد الطائرة.
نظام قائد الطائرة، فيه أربع درجات فقط، ويتوجب على المشترك اقناع شخصين فقط بالتسجيل. الدرجة العليا يستقلها شخص واحد، ويسمى “الكابتن”، تحته يكون عدد 2 “مساعدي طيار”، بعدهم طبقة “المضيفين” وعددهم أربعة أي اثنان تحت كل مساعد، وأخيراً الدرجة الرابعة تتكون من ثمانية “ركاب”. عندما يكتمل عدد الركاب في الطائرة، يتوجب على كل واحد منهم دفع مبلغ محدد للكابتن، والذي يرحل فور استلامه للمبلغ. رحيل الكابتن سيحول الهرم الكبير إلى هرمين صغيرين، على رأس كل هرم مساعد كابتن. سيترقى من هم في كل درجة إلى المرتبة الأعلى، وسيفتح المجال لثمانية “ركاب” جدد في كل هرم. الشكل التالي يوضح ذلك:
بعد إكتمال الركاب، المرتبة الأخيرة، يتم إعطاء المبلغ للكابتن ليرحل، وفريقه يتحول إلى فريقين كما في الشكل التالي:
وهكذا تستمر الفرق بالإنقسام. شركات الإحتيال غالباً ما تقوم بملئ الصفوف الثلاثة الأولى بأسماء اشخاص مزيفة، وبالتالي يضمن المحتال الحصول على الدفعات السبع الأولى وهي: دفعة للكابتن، دفعتين لمساعدي الكابتن، أربع دفعات للمضيفين. وثم بإمكانه شراء مقاعد جديدة كركاب ومضاعفة رأس المال الذي حصل عليه ابتداءً من أول مجموعة من الضحايا.
وهو نظام شبيه بنظام قائد الطائرة، وفيه يصطف الناس في طابور للحصول على منتج قد يكون سيارة، تلفزيون، كاميرا. يحصل الشخص في مقدمة الطابور على المنتج، بعد إنضمام عدد من المشتركين الجدد في للطابور، مثلا بإنضمام عشرة أشخاص يتقدم الطابور خطوة واحدة. للدخول للطابور يلزم الزبائن بشراء شيء لا قيمة له، بسعر عالٍ بشكل مبالغ فيه. تستطيع الشركات الإحتيال في هذا النظام بأن تضيف أسماء مزورة في مقدمة الطابور. فمثلاً، بدل أن يحصل أول مشترك حقيقي على الهدية بعد تسجيل عشرة، يكون أمامه عشرة أشخاص، أي يحتاج أن ينتظر ليضاف مائة شخص للطابور قبل أن يتمكن من الحصول على الهدية.