عندما يود البعض تعريف المدونة، فإنهم غالباً ما يفسرون معنى وأصل كلمة “بلوق”، دون محاولة إيجاد المعنى الحقيقي لفعل التدوين. لعلك قد قرأت هنا أو هناك، أن “بلوق” هي نحت لكلمة “ويب” و”لوق”، والتي تعنى سجل الإنترنت. وأيضاً ربما سمعت أحدهم يرفض أن يعرف التدوين ويرى أن أي محاولة لتعريف التدوين ستسيء إليه، وستحد إنتشاره والإستفادة منه. في هذا الموضوع سأكتب عن نظرتي للمدونات والتدوين وسأحاول تعريفها بناءاً على ما قرأته وفهمته، وإن كان فيما أقوله نقصاً أو خطأ اتمنى أن يتم تصحيحي.
هذا التساؤل قد يدور في خاطرك الآن، لماذا أضيع وقتي ووقتك بالتعريفات، التدوين معروف كلنا نراه، وهناك الكثير من المدونين، ودخول مدونة أحدهم كفيلة بأن تعطيك فكرة عن ماهية التدوين. يقول أحد الفلاسفة، أنك لو وضعت أناساً في كهف من اليوم الذي ولدوا فيه، وجعلت وجوههم مقابلة لجدار الكهف إلى أن يكبروا في العمر، وبعدها أخرجتهم من هذا الكهف، فإنهم لن يستطيعوا رؤية أو فهم أي شيء في الخارج. وهذا هو ذات وضع أشياء كثيرة في حياتنا خصوصاً الجديدة منها. ولتوضيح الفكرة أكثر، تخيل أن هناك منتج جديد دخل للسوق، ولم يكن هناك أي منشور يشرح ماهيته أو فيما يستخدم، ولنقل أنه معجون الأسنان. سيكون الجميع خائف من تجربته، وسيرون أن في تجربته مضيعة للمال. وتجرأ أحدهم وقام بشراء هذا المعجون، وبدأ بأكله وشاهده الناس يأكل المعجون ويقول لهم أن طعمة كالنعناع ولذيذ، سيصدقه الناس لأنه هو الخبير وأول من قام بالتجربة ولابد وأنهم سيأكلون المعجون. وحتى لو جاء شخص آخر بعد فترة وقال لهم أنه مضر بالصحة وأن استخدامه هو لتفريش الأسنان، فغالباً أن الناس لن يصدقونه.
طبعاً لا يفهم من كلامي أني أقصد أن من بدأ بالتدوين بدأ بداية خاطئة، وأنه جاهل. مقصدي من هذا الكلام أن التدوين أشمل وله استخدامات أكثر مما هو الحال الآن. ففي رأيي المتواضع، التدوين حالياً، مقصور على ثلاثة أقسام فقط، تدوين المذكرات، التدوين التقني، التدوين الإجتماعي أوما يسمى بالإصلاحي. هذه الأقسام الثلاثة هي التي بدأت مع تعرّفنا على التدوين، وبالتالي أصبحت غالب المدونات الجديدة نسخ طبق الأصل لمدونات سابقة سواء في التوجه أو المحتوى.
أيضاً حينما نعرف التدوين، فإن من يرغب بإفتتاح موقع، سيعرف ماهو نوع الموقع الذي يناسب إحتياجاته، ولا يحور فكرته الأصلية ليمكن تنفيذها على شكل مدونة. ما أقصده أن هناك بالإضافة لمواقع المدونات، هناك مواقع للشبكات الإجتماعية، ومواقع للمنتديات، ومواقع إخبارية وغيرها. لكل منها طريقة استخدام، وقوالب جاهزة متوفرة لصاحب الموقع. وقد ترى ذلك واقعاً في مواقع يطلق عليها اسم مدونة، فقط لإنها تستخدم برنامج الوردبرس لكنها في الواقع، موقع إخباري أو شبكة إجتماعية. ولو تم إستخدام برنامج آخر كدروبال على سبيل المثال، لإدارة الشبكات الإجتماعية لكانت أكثر عملية، ومرونة. وفي المقابل، هناك مدونات لا تتم تسميتها كمدونة، لسبب أن صاحبها رأى أن لا يسمح للزوار بالتعليق، مع أنها في الواقع مدونة.
المدونة هي مذكرتك شخصية، أو الدفتر الخاص بك، يحق لك تشكيلها وتعديلها لتناسب احتياجاتك وميولك. هذه المذكرة من الممكن أن تكون شخصية تكتب فيها عن يومياتك والتجارب التي تمر بها، أو عملية فتكتب فيها عن مجال عملك أو تخصصك. والمدونة شخصية، أي أن الكتابة فيها تكون بصيغة المتحدث وليست بالصياغة الأكاديمية، التي تحتوي على حقائق عقلانية غير شخصية فقط. عادة، ما يكتب في المدونة شخص واحد فقط. وحين يزيد عدد الكتاب، فإن الموقع عادة يكّون ما يعرف بالشبكة الإجتماعية.
المدون يعكس رؤيته ونظرته للأشياء من واقع خبرته في الحياة، فالمدونة يمكن أن تكون متخصصة في أي تخصص علمي، بالإضافة إلى إمكانية أن تكون لليوميات، أو كلاهما معاً.
الوسائط المستخدمة في التدوين هي:
- التدوين الكتابي (وهو الأشهر والأكثر إنتشاراً).
- التدوين الصوتي.
- تدوين الفيديو.
لا، فمن وقت إفتتاح المدونة، انت تملك كامل الحرية في التصرف في المدونة، فهي في النهاية “مذكرتك الشخصية”. ولا أحد يملك حق فرض رأيه عليك، ولا يعني أن “مذكرتك الشخصية” لا تعتبر مذكرة شخصية لأنها لا تشبه مذكرة فلان. هناك طرق ونصائح، تساعد الزوار والقراء على التصفح والتفاعل، مثلاً وضع تصنيفات، ترتيب التدوينات تصاعدياً، فتح المجال للتعليقات، نشر تدوينات بشكل دوري، أو الكتابة في مجال أو مجالات محددة. لكن لا يعني أنك في حالة عدم تقيدك بالنصائح التالية أن مدونتك ليست مدونة.
في النهاية لا أنسى أن أشكر الأخ عقبة على فتحة للموضوع، وتشجيعي على نشر هذا التدوينة.
- عقبة: المدونات والتدوين وغموضه.
- محمد: ثقافة التدوين.
- الداود: التدوين السهل.