جاسم الهارون

دليل الطالب الجامعي

أساليب القراءة



القراءة هي أحد أكبر البوابات التي ندخل المعلومات من خلالها إلى عقولنا. نحن نقرأ الكتب في الجامعة، المجلات في المكتبة، اللوح الإرشادية على الطريق، والملصقات التي نجدها على بعض المنتجات. تلاحظ أنك، حتى وإن لم تفكر في أساليب القراءة مسبقاً، فإنك تتقن وتستخدم أسلوب قراءة مختلف في كل حالة من الحالات السابقة. فعندما تقود سيارتك على طريق سريع بسرعة مائة كيلومتر في الساعة، وترغب بمعرفة المسافة المتبقية على وصولك، أو تحديد المخرج الذي يجب أن تنعطف عنده، لن تقرأ جميع اللوحات التي تصادفك على الطريق، وبالطبع لن تتهجئ وتقرأ كل ما هو مكتوب في اللوحات. ففي البداية أنت تعلم بأن اللوحات الزرقاء هي التي تستخدمها إدارة المرور، وبالتالي لن تبحث في غيرها. وعندما تجد لوحة زرقاء، لن تقوم بقراءة اللوحة كاملة، ولكنك ستبحث بشكل سريع جداً، عن المدينة التي تقصدها، وعينك بشكل آلي تقفز عند عثورك على اسم المدينة على الرقم المكتوب جوارها.

سيختلف أسلوب قراءتك السابق، عمّا تفعله في الكتب الدراسية، فالقراءة حينها ستكون بتركيز أعلى وإنتباه للتفاصيل، وربما عاودت قراءة كلمة أو فقرة أكثر من مرة لتتأكد من إستيعابها. استخدام الأسلوب الصحيح في الوقت المناسب، ومع المادة المقروءة المناسبة، يعني إتقانك للقراءة الفعالة. إتقان القراءة الفعالة، وتطبيقها أثناء قراءتك في الجامعة، سيمكنك من الإستيعاب بشكل أكبر، وفي ذات الوقت لن تبذل جهداً أو وقتاً أكثر من اللازم. في الصفحات القادمة، سأشرح لك كل الأساليب وأدلك على الطريقة المثلى لإتقان كل أسلوب.

قراءة المسح السريع:

تستخدم قراءة المسح السريع، عندما تبحث عن معلومة محددة، مثلاً، اسم شخص، رقم أو تاريخ، أو رسم بياني. في هذا الأسلوب من القراءة أنت في الواقع لا تقرأ بل تبحث من خلال تخيل كلمة (محمد) أو رقم (1985)، مثلاً، في عقلك وتحرك عينك بشكل سريع في الصفحة، بحثاً عن المعلومة. ولاحظ أن قراءة المسح السريع تنجح في حالة أن كنت تعرف المكان التقريبي للمعلومة، رقم الصفحة أو مجموعة الصفحات. فالمسح السريع لكتاب كامل، سيكون متعباً ومضيعاً للوقت. لأنك بالمسح السريع أنت تعثر على مكان المعلومة، ولكن في الغالب لن تستوعب ما كتب في تلك الصفحة. في الجزء الأيمن من الشكل التالي، مثال لتبحث فيه مثلاً عن إحصائيات، وبالتالي سأقترح عليك البحث في الأرقام أو علامة النسبة المئوية، أو البحث عن مقولة فتبحث عن رمز التنصيص. وفي الجانب الأيسر تجد توضيحاً لحركة عينك.

قراءة الفهم العام:

هدف قراءة الفهم العام، هو أخذ فكرة عامة، أو زبدة موضوع أو مقال طويل، وذلك لغرض إتخاذ القرار حيال، ما إذا كان المحتوى مناسباً لك أو لا. فهم الموضوع، واستيعابه بشكل كامل لا يهم في هذا الاسلوب، فأنت تقرأ هنا لتأخذ إنطباع شامل عما هو مذكور في القطعة، أو تصور عن عمق القطعة وكمية المعلومات الموجودة فيها. فالمجلات مثلاً، تخدعك بالعنوان المكتوب على الغلاف، ولذلك من الطبيعي أنك في الغالب لا تشتريها من العناوين فقط، بل تفتح صفحة المقال وتقرأ مقاطع من النص أو العناوين الفرعية، لتتعرف ما إذا كان المقال مناسباً لك، ويحتوي على المعلومات التي تبحث عنها أم لا. الفهم العام لفصل من كتاب، يكون بإتباع الخطوات التالية:
1. قراءة العنوان الرئيسي والعناوين الفرعية للفصل.
2. قراءة مقدمة الفصل و ملخص نهاية الفصل إن وجدا.
3. قراءة الجمل الإفتتاحية، أي الجمل الثلاث الأولى من كل جزء.
4. القراءة السريعة للكلمات المكتوبة بخط عريض أو في الهوامش.
5. ملاحظة النقاط والخطوات المرقمة، ومعرفة ماهيتها.
6. ملاحظة كمية الأمثلة المذكورة في الفصل.
7. نظرة خاطفة على الرسوم البيانية والجداول الموجودة في الفصل.
الهدف من قراءة الفهم العام، هو تكوين تصور شامل، وليس فهم الموضوع بالتفصيل، فهذا سنقوم به لاحقاً. لذلك، لا تطيل القراءة، ولكن استغل الوقت في إيجاد الروابط والعلاقة بين الأفكار وطريقة تسلسلها ومدى عمق الأفكار والتفاصيل المذكورة في القطعة. في العادة لن تأخذ عملية الفهم السريع لفصل من كتاب جامعي يقع في 30 صفحة، أكثر من 10 دقائق.

القراءة بتركيز:

في هذا الأسلوب، أنت تقرأ بتمعن وتركيز، محاولاً استيعاب المكتوب. بالطبع الإستيعاب ودرجة التركيز المطلوبة ستختلف بإختلاف المادة المقروءة. فمثلاً، أثناء قراءة قصة أو رواية، قد تقرأ الأحداث بشكل سريع، وربما تجاوزت بعض السطور، فأنت تقرأ للمتعة، وتجاوز بعض السطور في الغالب لن يؤثر في معرفتك بسياق الأحداث. ولكن عندما تقرأ خطوات تحضير وصفة طعام، تجاوزك لكلمة، أو عدم استيعاب خطوة بشكل صحيح قد يؤدي إلى فساد الوجبة أو عدم إنجازها بالشكل المطلوب. ولأن هذا الأسلوب يستغرق الوقت الأكبر، ويحتاج لجهد عقلي وحسي أكثر من بقية الأساليب، يفضل أن تتبع الإرشادات التالية:
1. اختر الوقت المناسب للقراءة والذي تكون فيه في قمة نشاطك الذهني والجسدي،وتأكد أن الإضاءة كافيه ومريحة لعينك.
2. قسم المادة التي ستقرأها على جلسات للقراءة، بينها أوقات راحة. ويفضل أن لا تتجاوز الجلسة الواحدة 40 دقيقة، وبين كل جلسة والأخرى فترة راحة لا تقل عن 5 دقائق.
3. لا تتوقف عندما تصادفك كلمة لا تفهم معناها، حاول فهم المعنى من سياق الجملة. فقط في حالة عدم قدرتك على فهم الجملة أو القطعة، توقف وابحث في القاموس.
4. لا تقرأ بسرعة واحدة، عود نفسك أن تسرع عند قراءة الفقرات السهلة والبسيطة، وأبطئ من سرعتك عند قراءة الفقرات المعقدة.
5. عندما تصادفك فقرة شديدة التعقيد، استخدم اصبعك لتتبع الكلمات، واقرأ بصوت تسمعه، فهذا مما يساعدك على التركيز.
6. احذر من أن يشغلك تحديد الجمل والكلمات المهمة بالمُظَهِّر، أو بالتخطيط تحتها، عن التركيز واستيعاب الفكرة.


الصفحة السابقة

التعرف على الكتاب