هناك مورد واحد، نتساوى جميعاً في الكمية الممنوحة لكل واحد منّا، ألا وهو الوقت. يومك، ويومي، ويومه يتكون من أربعة وعشرين ساعة لا تزيد ولا تنقص. وعلى الرغم من ذلك، تجد بأن أكثر ما يتذمر منه الناس، هو عدم كفاية الوقت. أو عند ملاحظتهم لتفوق شخص ما عليهم، يتسألون من أين يحصل ذلك الشخص على الوقت الكافي للقيام بأعماله كلها، والتفوق فيها. مشكلتنا مع الوقت ليست في كميته، بل في كيفية تعاملنا معه.
إدارة الوقت، ليست كما قد يصورها البعض، كجداول زمنيه صارمة، تجعلك تتعامل مع نفسك كالآلة. فتحدد وقت الدراسة بالدقيقة، وكذلك الأوقات التي تخصصها للمتعة، أو للأسرة، والأصدقاء. لا، فإدارة الوقت، هي وعي تدخله ضمن نظام حياتك، لأن وقتنا في هذه الحياة محدود، وقصير، وفي الغالب لن تحقق خلال حياتك كل ما تحلم وتتمنى بلوغه، يجب أن تحدد المهم في حياتك. وما هي الأشياء التي تشعر بأنها البصمة التي تود تركها خلفك. لأنك عندما تفعل ذلك، ستصبح أهدافك وطموحاتك واضحة أمامك، وبالتالي لن تضيع وقتك في أشياء غير مهمة أو لا تود فعلاً إنجازها. وبعد عمر طويل، عندما تتقاعد من العمل، ويحيط بك الأبناء والأحفاد، ستجد أنك حققت وأنجزت خلال حياتك ما يستحق أن تقوله لهم، وتشعر بأنك تعطيهم بالإضافة للخبرة، القدوة الحسنة ليتبعوها إن شاؤا.
تلاحظ أن عنوان هذا الفصل هو إدارة الحياة، وليس إدارة الوقت. يقول البعض أن الوقت هو الحياة، ولكن البعض عندما يسمع كلمة إدارة الوقت، ما يتبادر إلى ذهنه هو إدارة ساعات اليوم، الشهر، أو السنة. والواقع أن النجاح في إدارة الساعات والأيام، لا يتم إلا بوجود تصور كامل للحياة ككل. فإدارة ساعات دراستك خلال سنوات الدراسة في الجامعة، لا يكفي إن لم يكن نجاحك في الجامعة بداية لنجاح آخر بعد الجامعة، الوظيفة مثلاً. وهكذا حتى تجد بأن نجاحاتك في الحياة مركبة مع بعضها البعض. تنفق من وقتك الآن، ما يساعدك ويفتح لك آفاقاً في المستقبل.