يفضل الكثير من الناس تحديد بداية السنة كموعد لبدء قرارات التغيير الشخصية (New Year’s resolution)، أو لنسميها التحدي السنوي. يتم استخدام هذ التحدي في العادة لإكتساب عادة حسنة كالتصرف بلطف أكثر مع الآخرين، أو التصدق بمبلغ مقطوع بشكل أسبوع. كما وتستخدم في التخلص من عادة سيئة كالتوقف عن أكل الوجبات السريعة. أيضاً تستخدم هذه في البدء بمشروع جديد كالبدء في بيع حلويات من المنزل، أو الإشتراك في نادي صحي لإنقاص الوزن.
يرجح أن أصول هذه العادة دينية، ونحن كمسلمين لدينا شهر رمضان، الذي نبدء معه تغيير جوهري في نظام الحياة. تشير بعض الدراسة أن نسبة النجاح في التحدي السنوي منخفضة جداً، حوالي 88% ممن يبدء التحدي السنوي لا يتمكن من بلوغ هدفه. هذه النسبة يؤثر عليها بشكل كبير عامل عدم الجدية كون ذات الدراسة تشير إلى أن 55% من العينة كانوا جادين ومصرين على تحقيق هدفهم السنوي. هذا المقال سيجيب على تساؤلك كيف تضع التحدي السنوي وكيف تنجح في تحقيقه.
1. تحسين الصحة العامة: التخسيس، ممارسة الرياضة، الأكل الصحي، أو التوقف عن التدخين.
2. تحسين الوضع المالي: تصفية الديون، أو تخصيص مبلغ للتوفير.
3. تحسين الوضع المهني: الحصول على وظيفة أفضل.
4. زيادة المعرفة: الحصول على شهادة دراسية أو مهنية، تعلم شيء جديد، زيادة القراءة والإطلاع.
5. تطوير الذات:
6. التطوع ومساعدة الآخرين: العمل التطوعي، والصدقة.
تلاحظون أن هذه النقاط الست شبيهة بالرغبات الست التي تحدثنا عنها في موضوع النجاح المتوازن. ولذلك فإن معظم الأشخاص الذين يتحدون أنفسهم، هم في الواقع يحاولون إعادة التوازن، أو تصحيح المعادلة لتحقيق التوزان الذي لم يكونون قد حققوه سابقاً.
لنبدأ من معرفة أكثر خطأين يقع فيهما الأشخاص الذي يتحدون أنفسهم، وبالتالي يفشلون في بلوغ الهدف. الخطأ الأول الذي يرتكبه معظم من يتحدى نفسه، أنه يبحث عمّا “يتوجب” عليه القيام به، عوضاً عن البحث عمّا يرغب بفعله. مثلاً، ينظر أحدهم إلى عادة الإكثار من أكل الطعام المشبع بالكوليسترول، ويعلم أنها ضارة بصحته وأنه إن أراد الإستمتاع بصحته وحياته فـ “يتوجب” عليه التوقف عن أكل المقالي واللحوم الحمراء. لكن في الواقع، هو يحب المقالي واللحوم الحمراء، وفي قرارة نفسه لا وجود لفكرة الإقلاع أو التخفيف من الأكل. هنا قد يتحمس صاحبنا في البداية، ولكن حماسه سرعان ما يفتر، ويخسر أمام التحدي.
الخطأ الآخر، هو أن البعض يبحث عن الأمور التي يتوجب عليه الإقلاع عنها، عوضاً عن الأمور التي يرغب بتحقيقها. ينظر للأمور السلبية في شخصيته ويحارب من أجل التخلص منها، بدل النظر في فرص التطوير والتنمية في شخصيته ليعمل على استثمارها. بمعنى أنه قد يفكر في التوقف عن الأكل الضار، ولكنه لا يفكر في الأكل المفيد. قد يقرر التوقف عن الكسل بكثرة الجلوس أمام التلفاز، ولكنه يتجاهل خيار حبه للمشي، لينمي هذا الحب ويجعله عادة رياضية للذهاب والعودة من المسجد ماشياً.
كما لاحظت فإن التحدي السنوي محفوف بالكثير من الصعوبات، وهناك فرصة أن لا تحقق هدفك. ولكن أي تغيير ممكن، وما يعينك على تحقيقه التخطيط واتباع القواعد السبع التالية سيساعدك على مواجهة تلك الصعوبات والتغلب عليها والأهم من ذلك تحقيق هدفك.
النجاح يبدأ من الإلتزام بتحقيق التغيير. لتنجح يجب أولاً أن تؤمن بأنك قادر على الإنجاز وتحقيق ما تطمح له. ولمساعدتك:
- اختر تحدياً ترغب فعلاً في تحقيقه، واجعل تفكيرك حوله إيجابياً.
- قد يكون من المفيد الإستفادة من الآخرين في مراقبتك ومحاسبتك، افصح لهم عن رغبتك واطلب منهم مساعدتك على تحقيق هدفك. وتذكر أنك حين تخبرهم بهدفك أنت لا تحتفل معهم بإنجازك مبكراً، ولكنك تضعهم في الصورة لمراقبتك ومتابعة انجازك.
- لا تؤجل عملية اتخاذ القرار بالبدء بالتحدي للحظة الأخيرة. ابدء مبكراً فكر وخطط قبل أن تقرر بدء تحديك.
- أعط نفسك بعض الوقت لتفكر فيما إذا كانت فكرة التحدي هي فكرتك فعلاً، أو أنك واقع تحت تأثير أو ضغوط شخص آخر أثر عليك لتقوم بالتغيير. وأيضاً لا تنسى ملاحظة ما إذا كان التغيير يتناسب مع نظام حياتك وأهدافك الشخصية الأخرى.
- تذكر أن تحدي السنة، لا يجب أن يستغرق كامل السنة لتحققه، فقد تستطيع تحقيق هدفك من اليوم الأول.
السر في تحقيق هدفك هو التحفيز المستمر. عندما تضع هدفاً صعباً جداً أو مستحيلاً، أنت ترفع مع سقف توقعاتك فرص فشلك. تكرار الفشل في الغالب يؤدي إلى الإحباط. أن تضع لنفسك هدفاً معقولاً وبسيطاً مع بعض التحدي، ثم تحققه في نهاية السنة، أفضل من وضع هدف صعب لا تنجزه. وتذكر بأن القليل المستمر خير من الكثير المنقطع. الجانب الآخر هنا، أن لا تضع لنفسك عدد كبير من الأهداف، أو أهداف تتعارض مع وقتك الذي خصصته لإلتزاماتك قبل أن تضيف عليها تحديك السنوي. فتجد نفسك مزدحماً بالأعمال والواجبات ولا تدري من أين تبدأ.
عندما تكتب تحديك أو هدفك على ورقة، أنت في الواقع تصيغ عقداً مع نفسك. حينها ستفكر ألف مرة قبل أن تستلم وتتوقف عن سعيك للهدف. هذه الورقة علقها في مكان واضح كي تراه وتذكر نفسك، أو توقفها قبل خرقك لتحديك.
اتخاذ قرار حيال قيامك بشيء هو أمر، وكيفية عملك له هو أمر آخر. ينسى الكثير من الناس الفرق، وبالتالي يتخذون القرار، وحين يبدأ التنفيذ لا يعرفون من أين يبدأون وكيف يتصرفون. قد يفيدك هنا القيام بالتخطيط المعكوس. حين تبدأ بالهدف النهائي وتقسمه إلى أهداف فرعية، وفرعية حتى تصل للمهام اليومية.
وضعك لهذه الخطة لا يعني أن تكون صارماً، وحازماً بالإلتزام بتفاصيل الخطة. بل على العكس، حاول أن تضع لنفسك فسحة وقابلية للتعديل والتصحيح. فالتخطيط عملية استقراء للمستقبل، ولا أحد يعلم المستقبل إلا الله سبحانه وتعالى. أيضاً، تذكر بأن تحديك قد يتغير مع تغير المعطيات التي بدأت السنة معها، التغيير هنا بالتأكيد أفضل من العناد والإصرار المؤدي للفشل.
إدخال أمر جديد في حياتك أو إلغاء عادة أمر يسهل نسيانه، خصوصاً في الأيام الأولى. لذلك ضع لنفسك آلية تمكنك من تذكير نفسك بالهدف والمهام الواجب عليك إنجازها.
لن تتمكن من ملاحظة تقدمك ما لم تضع لنفسك نظام لتتبع المهام والإنجازات التي قمت بتحقيقها خلال العام. السعادة التي تشعر بها عند تحقيقك لهدف مهما كان صغيراً، سيحفزك للعمل وإنجاز المزيد.
على الرغم من أن لا مكافأة تعدل السعادة التي ستشعر بها عند بلوغ هدفك، إلا أنه لا مانع من الاحتفالات البسيطة حتى لو كانت على مستوى نفسك فقط. عندما تضع خطتك، لاحظ المعالم الرئيسية في الطريق إلى هدفك، وحين تبلغها نبه نفسك، وقد يكون من الجيد حينها أن تكافئ نفسك على ما حققته.