جاسم الهارون

مقالات التطوير

أخطاء شائعة تمنع تحقق الأهداف



قد يبذل البعض كل الشروط اللازمة في الهدف، ويخطط ويعمل، ولكنه، وعلى الرغم من عمله وإجتهاده لا ينجح في بلوغ الهدف. فإما أنه يفشل في البدء على العمل للهدف، أو أنه يبدأ وبعد فترة، يفتر ويتوقف. وأوضح مثال على هذا، ما نفعله عادة عندما نرغب بالتخسيس. فنضع هدفاً لإنقاص الوزن بمقدار خمسة كيلو في الشهر، نشترك في نادي صحي، ونختار نظام غذائي.. ثم نبدأ التمرين، وبعد الأسبوع الأول.. نتوقف!

والرد الذي سيقوله الكثيرين، وأنا كنت أحدهم: “حاول مرة ثانية وثالثة، أو إبدء من جديد.. يمكنك القيام بهذا!”. لنكن واقعيين، هل إعادة المحاولة تكفي؟ هل تؤمن بأن الأمر أشبه بقطرة الماء البسيطة التي تقسم الصخرة إلى نصفين؟ أم أنه أشبه بمناطحة جدار؟

عرّف أينشتاين الجنون بأنه “تكرار القيام بذات العمل، وتوقع نتائج مغايرة”. عندما نضع الهدف، ونعمل عليه ثم نفشل في تحقيقه، فإن هناك مشكلة أو خطأ قمنا به. ولو أعدنا العمل واتباع نفس الطريقة التي وضعناها في المرة السابقة، فإننا في الغالب، سنفشل مرة ثانية. لذلك الحل ليس في الإعادة فقط، بل في إيجاد سبب الإخفاق، وتصحيحه، والمحاولة من جديد. لمساعدتك على إيجاد أسباب الإخفاق، سأذكر لك، أكثر أربعة أخطاء نرتكبها عند عملنا على الأهداف.

1. كثرة الأهداف

أحياناً تأتينا لحظة استيقاظ، نشعر حينها فعلاً بحاجتنا لبلوغ أو تحقيق هدف. ونشعر بالحماس يدب فينا، وبسرعة نقرر البدء بالعمل من أجل تحقيق هدف. نبدأ العمل، وبعد أيام تأتي لحظة استيقاظ أخرى، وحينها نقرر البدء بعمل آخر. وهكذا، حتى تتراكم الأعمال والأهداف، فلا نجد الوقت للقيام بأي واحد منها. وبالتالي نقرر التوقف عن الأول ونأجله، ونفشل في الآخر لعدم كفاية الوقت، وبسبب الفشل نشعر بالإحباط، ولا نجد الدافع للعمل على الهدف الثالث.. والمحصلة لم ننجز أياً من تلك الأهداف.

في البداية يتوجب عليك أن تتعرف على أولوياتك في الحياة، وبناءاً عليها، تقرر من أيها ستبدأ، وما تستطيع تأجيله، وأيها لا يجب أن تضيع وقتك فيه. أهدافك التي تشعر بأنها تشكل أولوية، وتمتلك الوقت للعمل عليها، أكتبها في ورقة، مرتبة حسب الأهمية، وتلك التي تستبعدها أيضاً لا تنسى تسجيلها لعلك ترغب بالعودة إليها لاحقاً.

ستلاحظ أيضاً بأن هناك أهداف، لو عملت عليها اليوم فإنها ستأخذ منك وقتاً أطول، مقارنة بحالة تأجيلها لوقت لاحق. فضغط الأعمال قد يؤثر على الوقت الذي تقضيه في العمل على كل هدف، وكذلك المعرفة التي تمتلكها اليوم، يمكن زيادتها حالياً من خلال هدف آخر، واستخدام تلك المعرفة في الهدف المؤجل. فبدل أن تتمرن اليوم وانت تعاني من ضغط العمل، لمدة ربع ساعة، تؤجل فترة التمرين لحين إنتهائك من المشروع الذي تعمل عليه الآن، وبعدها تقضي في صالة الرياضة ساعة كاملة، أي أن ما تنجزه في يوم عندها سيعادل تمرين أربعة أيام، وهذا دون احتساب وقت الموصلات، أو التعب الذي ستشعر به بعد التمرين، والذي سيمنعك من العمل على إنجاز مشروعك.

2. عدم استغلال الأعمال المشتركة

هناك الكثير من الأشياء التي نعمل على تحقيقها في وقت واحد، المهام يمكن تأجيلها حسب الحاجة، وهذا ما ذكرناه في النقطة السابقة. الأهداف التي لا تخدم هدفك الرئيسي، يمكن تأجيلها لوقت لاحق. في بعض الأحيان، المهمة الواحدة، من الممكن أن تستخدمها في عدة أهداف. مثلاً، عندما يتم إنتدابك لدورة تدريبية من عملك، بإمكانك أخذ عائلتك معك، لتدرب صباحاً وتقضي معهم المساء في سياحة. كذلك، عملك الجزئي أثناء دراستك، يمكن أن يطور معرفتك من خلال الخبرة العملية، تحصل من خلاله على المال، ويساعدك في الحصول على وظيفة بعد التخرج.

عندما تنظر للصورة الكاملة، ستجد هذه الأشياء البسيطة، والتي قد لاتأخذ منك وقتاً طويلاً، ولكنها ستقلل من الوقت اللازم للإنجاز في المستقبل. عدم ملاحظتها، سيجعلك تفوت الفرص، وتعمل على المهمة لخدمة مجال واحد من حياتك فقط، وبالتالي قد تقصر في جوانب أخرى من حياتك، وقد تتوقف عن العمل على هدف، من أجل تعويض أحد تلك الجوانب.

3. التعديلات على الهدف

لأسباب عديدة، ولعل أهمها عدم وضوح الهدف، قد يأخذك الحماس بعد بدء العمل على هدف، فتقرر إضافة أعمال عليه. فيكبر الهدف، وتكثر الأعمال، فيأتي موعد التسليم وأنت لم تحقق الهدف الأساسي والذي من أجله بدأت العمل. قد يطلب منك المدرس كتابة تقرير في 5 إلى 10 صفحات، وبعد كتابتك للصفحة الأولى، تقرر أن تنسق تقريرك وتضيف فيه صور، وتكتب بألوان. فتبدأ بالبحث عن صور، وقد تعدل الفكرة.. يأتي موعد تسليم البحث لتجد نفسك لم تنتهي من كتابته.

هنا يجب عليك من البداية أن تتعرف على المطلوب منك تحديداً، وما هي الإضافات التي من الممكن القيام بها، من أجل إنجاز إضافي. وحين تعمل ركز على هدفك الأصلي، لا تغير الهدف ولا تضيف الأعمال، لحين إنتهاء العمل الأساسي ووجود وقت كاف للمزيد من التحسينات.

4. الإزدحام في مواعيد التسليم

المرونة والإحتياط للمفاجأت أمر مهم. فمديرك قد يأتيك في أي لحظة ليعطيك مهمة إضافية، أو قد تسلم واجباً وتكتشف بعدها أن إجابتك خاطئة وبحاجة للمراجعة والتصحيح. البعض منّا، لا يعمل بشكل جيد إلا تحت الضغوط، ولكن لا يعني ذلك أن لا تحتاط للطوارئ. من أهم ما يعينك على التعامل الجيد مع الطوارئ، أن لا تجعل مواعيد تسليم المهام في يوم أو أسبوع أو شهر واحد. لا تقل يجب أن أنقص 5 كيلو من وزني، وزيارة جميع أقاربي، وتسليم التقرير بنهاية هذا الشهر. استخدام النقاط الثلاث السابقة، لإعادة الترتيب، وحاول بقدر المستطاع أن توزع مواعيد الإنتهاء من أهدافك خلال فترة زمنية، ولو كان ذلك بوضع مواعيد تسليم مزيفة.

بالإضافة لذلك، ضع في حساباتك الأمور التي قد لا تكون في جدول مهامك من الأمور الروتينية، كالإجازات، الزيارات العائلية، شهر رمضان، وغيرها. هذه الأمور يكون فيها تغيير في توزيع وقتك، وقدرتك على التحكم فيه. أحياناً، يغيب عن ذهنك ذلك، فتجدول المهام في أحدها كبقية أيام السنة.