في إحدى محاضرات تيد، تحدث ديرك سايفرس عن دراسة مهمة تتعلق بوضع الأهداف وتحقيقها. الفكرة الرئيسية لخطبته كانت (إعلانك عن أهدافك يقلل فرص تحققها). قبل أن ألخص وأعقب على محاضرة ديريك سأترككم معها، ومدتها 3 دقائق، وهي مترجمة للعربية.
لماذا لا نخبر الآخرين؟ يقول ديرك، بشكل رئيسي لأن عقلك يحصل على الرضى، الشبيه بتحقيق الإنجاز بدون أن يقوم بأي عمل، أي أن القول يحل محل العمل. طبعاً، إخبار الآخرين بالأهداف، هي أحد التوصيات التي يذكرها الكثير من مدربي تطوير الذات، وما ذكر في الكلمة يتعارض معهم. أورد ديرك، عدد من البحوث والدراسات التي تدعم وجهة نظره، ومنها أربعة دراسات منفصلة قام بها الدكتور بيتر قولاويتزر، على 163 متطوعاً، حيث طلب منهم الدكتور كتابة هدف يطمحون لبلوغه، وسمح لنصف المجموعة بالإعلان عن أهدافها، والنصف الآخر طلب منهم الاحتفاظ بالأهداف لأنفسهم.
بعد ذلك أعطوا 45 دقيقة للعمل على مشاريعهم. وبعد انتهاء الوقت، المجموعة التي لم تعلن عن أهدافها، عملت على الهدف لمدة 45 دقيقة وعند سؤالهم عن مدى رضاهم حيال الجهد الذي بذلوه، قالوا بأنهم يشعرون بأن الطريق أمامهم لايزال طويلاً وشاقاً، وهناك الكثير من العمل لينجز. على النقيض، أولئك الذين أعلنوا عن أهدافهم، عملوا في المعدل لمدة 33 دقيقة فقط، وعند سؤالهم، ذكروا بأنهم يشعرون بأنهم شارفوا على بلوغ الهدف، وبالتالي لا حاجة لهم للعمل 45 دقيقة.
عندما أراجع نفسي، وتعاملي مع بعض الأهداف، أجد بأن ذلك حقيقي. وعندما أفكر في الأهداف التي أضعها لنفسي، سواءاً تلك التي أعرضها في المدونة، أو الشخصية خارج الانترنت، أجد بأني في بعض الأحيان، أميل في عرضي للهدف إلى أحد الطرفين:
عندما احتاج لمساعدة أشخاص، فإني أحاول المبالغة في مدح الفكرة وتزيينها، وهذه المبالغة تزيد ومعها يتضخم المشروع فيتحول من مشروع شخصي بسيط، إلى مشروع عملاق يحتاج تفرغ وإدارة وإشراف. ولعلي أقول، بأني قمت بطبخ ما لا أستطيع أكله. والطبيعي هنا، أن أقوم بتأجيل المشروع، لعدم قدرتي أو عدم توفر الوقت الكافي للعمل على الهدف.
في بعض الحالات، يكون هدفي غير واضح أو لا أكون متأكد من نجاح الفكرة وتميزها، ولذلك ولخوفي من الإخفاق، فإني أقلص الفكرة وأخفض من سقف الاحتمالات عندما أعرضها على شخص. ولاحقاً، بعد الانتهاء من العرض، أراجع نفسي، وأجد بأن الفكرة سخيفة، والإنجاز المتوقع تحقيقه بسيط، ولذلك هذا الهدف لا يستحق العمل عليه، فأتركه وابحث عن غيره.
وبعد الإنتهاء من عرض الفكرة فإن أقابل بأحد الشخصيات التالية:
المشجع: هذا النوع يحاول رفع معنوياتك، ويحفزك على المضي في هدفك، وأنك شخص قادر على الانجاز وبلوغ الهدف. كلماته تلك تعطيك شعوراً رائعاً.. وهذا هو الشعور بالإنجاز، الذي تحدث عنه ديرك والدكتور بيتر. أي أن الأمر اشبه بإعطاء طفل حلوى كمكافأة على عمل لم يبدأ به بعد، والسماح له بأكلها، بعد أن ينتهي في الغالب، لن يقوم ذلك الطفل بالعمل المطلوب!
المحبط: هذا النوع إما أنه محبط بطبيعته، أو أنه يحاول تحديك، بغرض تحفيزك على العمل والإنجاز. قد تنجح حيلة المحبط في حالات، ولكن في أحيان عديدة، تكون رسالته، بالإضافة إلى الصعوبات التي تواجهك في طريقك لتحقيق الهدف، سبباً في اتخاذ القرار بالتوقف عن العمل، وربما عدم التحدث مع المحبط مرة أخرى.
الغير مهتم: أخيراً الغير مهتم، قد لا يهتم بهدفك، أو أنه مشغول ولا يريد الدخول معك في مفاوضات ونقاشات. هذا النوع يشعرك بأن هدفك غير مهم، وربما اشعرك بالاحباط وجعلك تفكر في تغيير أهدافك.
كما تلاحظون فإن إخبار الآخرين بالأهداف، في الغالب يأتي بنتائج سلبية، ولذلك ذكر ديرك في نهاية حديثه عدد من النصائح عندما تشعر بأنك ترغب بالتحدث عن أهدافك مع شخص آخر، فيقول:
- حاول مقاومة الإغراء بكتابة هدفك على ورقة، دون مشاركة الآخرين!
- حاول أن لا تتحمس أو تشعر بالفخر بهدفك، عندما يمدحه أو يمدحك الآخرون.
- تذكر أن التحدث حول هدفك، لا يعوض العمل عليه.
- عندما تتحدث عن هدفك، قم بعرضه بطريقة سلبيه، لا تعطي المستمع فرصة لتحميسك أو مدح هدفك. مثلاً، لا تقل: “لقد دخلت النادي الصحي كي اتمرن لأخسر عشرة كيلو من وزني خلال شهرين، وإلى اليوم خسرت 4 كيلو”. ولكن قل: “لقد دفعت مبلغاً طائلاً للإشتراك في النادي، وإن لم أتمرن لمدة ساعة يومياً فإني سأعاقب نفسي”.
في الختام أذكركم بأن الأحلام والأهداف شيئين مختلفين، أحدهما أفكار والآخر عمل. ولا تنسوا (استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود)، على قائلها أفضل الصلاة وأتم التسليم!