جاسم الهارون

المدونة



أحدى المواد التي أدرسها هذا الفصل تتحدث عن “المحاسبة والمجتمع”، هذه المادة فلسفية بحته. تتحدث عن أخلاقيات العمل، ومسؤولية مدراء وأصحاب الشركات تجاه المجتمع. قصة “كيم” أوردها لنا مدرسنا اليوم أثناء حديثه لتوضيح إحدى الأفكار. سأذكر لكم القصة مع العلم بأنها حقيقية والمدرس قام بمقابلة كيم والتحدث معه قبل سنة تقريباً.

كيم شاب كوري قدم إلى أستراليا في سنة 2004 بفيزا سائح، لكنه قدم في الواقع للعمل في أستراليا. وفور قدومه وضفه أحد المقيمين من نفس جنسيته في شركة صغيرة تعمل على إعادة تدوير البلاستك، مع معرفتهم السابقة بأنه لا يحمل فيزا عامل. إستمر في العمل معهم لمدة ثلاث سنوات، فيها كان يتقاضى 10$ في الساعة، 16 ساعة في اليوم، سبعة أيام في الأسبوع. ولم يكن يتقاضى أي تعويضات عن الساعات الإضافية، أو بدلات ولم يكن هناك أي تأمين صحي. في سنة 2006 حصل حادث لكيم أثناء عمله، وفيه فقد أربعة من أصابعه. الشركة التي يعمل فيها كيم وعدته بأنهم سيتكفلون بعلاجه، وسيدفعون له 70٪ من راتبه لحين تقاعده كتعويض. وبالطبع الشركة لم تحافظ على وعدها.

الشركة دفعت مبلغ 3600$ لتغطية تكلفة الإسعاف والعلاج الأولي لكيم، وكيم طرد من المستشفى بعد رفض الشركة دفع مبلغ يفوق 100000$ مصاريف العمليات وإعادة التأهيل. كيم عثر على جراح غير مرخص له لإجراء عمليه له مستخدماً جميع ما تمكن من توفيره في سنوات عمله. لكن الأمر لم يتوقف هنا، الشركة قامت بالإتصال بالمسؤولين في مصلحة الجوازات والهجرة، للتبليغ عن كيم. كون الشركة فضلت أن تدفع غرامة تشغيل عامل غير نظامي 10000$ بدل دفع تكاليف علاج كيم.

كيم لم يكن يعلم عن نظام البلد، ولم يكن متقن للغة الإنجليزية، أحد أصدقاءه من ذات جنسيته أقترح عليه أن يتصل بإحدى نقابات العمّال ويطلب منهم المساعدة. وبالفعل كيم أتصل بهم، وعلى الرغم أن كيم لم يكن مشتركاً في النقابة، وأن النقابة لعمّال البناء بينما كيم كان يعمل في إعادة التدوير، رئيس هذه النقابة دفع مبلغ 500 دولار من جيبه الخاص لكيم ليسيّر فيها أموره في تلك الفترة، ساعدته النقابة في إيصال قضيته لإدارة حكومية تعنى بحقوق العمل والعمّال، وتم إستئجار شقة في حي مليئ بالكوريين في سدني لكيم. بعد وصول قضيته للإدارة الحكومية السابقة، تم صرف مبلغ 360$ أسبوعياً له لحين حل القضية. في هذه الأثناء، قامت النقابة بإرسال طلب لإحدى أكبر الصحف الصادرة في سيدني للكتابة عن قصة كيم والتشهير بالشركة، كما وتم طلب المثل من عدة صحف صادرة باللغة الكورية في سيدني، وأخيراً طُلب من القس الذي يحدث في الكنسية التي يتعبد فيها مدير الشركة بالحديث والتشهير بصاحب الشركة وما فعلته الشركة.

ونتيجة لجهود الإدارة الحكومية، النقابات، الصحف، قامت الشركة بدفع مبلغ 70000$ كتعويض لكيم. وبعد التشهير والفضحية التي أصابت صاحب ومدير الشركة، قرر في النهاية بيع الشركة. كيم قال، أنه سعيد جداً بتعاون النقابة معه، ويتمنى البقاء في استراليا وتعلم اللغة الإنجليزية، والعمل التطوعي لتلك النقابة، وتوعية العمّال بحقوقهم.

هذا تقرير عن الموضوع نشر في موقع النقابة.

أثناء استماعي للقصة، خطر على بالي لو ان قصة “كيم” حدثت في مكان آخر، هل كانت ستنتهي القصة بذات النهاية أو أنها ستتوقف عند البلاغ الذي قام به صاحب الشركة ضد هذا العامل الغير نظامي!